للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظر، فإنه ورد في بعض طرقه أنه الصَّعْو، بمهملتين بوزن العَفو، كما في رواية ربعي، فقالت أم سليم: ماتت صَعْوَته التي كان يلعب بها، فقال: أي: أبا عُمير، مات النُّغَير، فدل على أنهما شيء واحد، فالصعو لا يوصف بحسن الصوت. قال الشاعر:

كالصعو يرتع في الرياض وإنما ... حُبِس الهَزَار لأنه يترنم

قال عِياض: النُّغَير طائر معروف يشبه العصفور، وقيل هي فراخ العصافير، وقيل هي نوع من الحُمَّر، بضم المهملة وتشديد الميم ثم راء، قال: والراجح أن النُّغَير طائر أحمر المنقار، وهذا الذي جزم به الجوهريّ، وقال صاحبا العين والمحكم: الصَّعْو صغير المنقار أحمر الرأس.

وقوله: فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا إلخ، تقدم شرحه مستوفى في كتاب الصلاة في باب الصلاة على الحصير، وفي هذا الحديث فوائد جمعها أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبريّ، المعروف بابن القاصّ، الفقيه الشافعيّ، صاحب التصانيف في جزء مفرد. وذكر ابن القاص في أول كتابه أن بعض الناس عاب أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها، ومثل ذلك بحديث أبي عُمير هذا. قال: وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستين وجهًا، ثم ساقها، وقد لخص في "الفتح" جميع ما ذكره، وأتبعه بما تيسر من الزوائد عليه، مع تتبع طرق الحديث، وإبداء ما في كل رواية من الفائدة.

وقد استوفيت هنا جمع ما ذكره صاحب "الفتح"، ففي الحديث استحباب التأني في المشي، وزيارة الإِخوان، وجواز زيارة الرجل للمرأة الأجنبية إذا لم تكن شابّة وأُمنت الفتنة، وتخصيص الإِمام بعض الرعية بالزيارة، ومخالطة بعض الرعية دون بعض، ومشي الحاكم وحده، وأن كثرة الزيارة لا تنقص المودة، وأن قوله "زُرْ غِيًا تزدد حبًا" مخصوص بمن يزور لطمع، وأن النهي عن كثرة مخالطة الناس مخصوص بمن يخشى الفتنة أو الضرر.

وفيه مشروعية المصافحة، لقول أنس فيه: ما مسست كفًا ألين من كف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتخصيص ذلك بالرجل دون المرأة، وأن الذي ذكر في صفته -صلى الله عليه وسلم- أنه كان شَثِنَ الكفين خاصٌ بِعَبَالة الجِسم لا بخشونة اللمس. وفي كاستحباب صلاة الزائر في بيت المزور، ولاسيما إذا كان الزائر ممن يتبرك به، وجواز الصلاة على الحصير، وتكرر التقرر لأنه علم أن في البيت صغيرًا، وصلى مع ذلك في البيت، وجلس فيه.

وفيه أن الأشياء على يقين الطهارة, لأن نضحهم البساط إنما كان للتنظيف، كذا قال في "الفتح"، وفيه نظر قد مرَّ الكلام فيه. وفيه أن الاختيار للمصلي أن يقوم على أروح الأحوال وأمكنها، خلافًا لمن استحب من المشددين في العبادة أن يقوم على أجهدها. وفيه جواز حمل

<<  <  ج: ص:  >  >>