للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا، أي: إذا انتهى الرجل إلى الجنازة، والحال أن الجماعة يصلون، يدخل معهم بتكبيرة، وقد وصله ابن أبي شيبة عن أشعث عن الحسن في "الرجل ينتهي إلى الجنازة وهم يصلون عليها، قال يدخل معهم بتكبيره".

وروي عن محمد بن سيرين قال: يكبر ما أدرك، ويقضي ما سبقه. وقال الحسن: يكبر ما أدرك ولا يقضي ما سبقه، وعند الحنفية: لو كبر الإِمام تكبيرة أو تكبيرتين لا يكبر الآتي حتى يكبر الإِمام تكبيرة أخرى عند أبي حنيفة ومحمد، ثم إذا كبر الإِمام يكبر معه، فإذا فرغ الإِمام كبر هذا الآتي ما فاته قبل أن يرفع الجنازة، وكذا الحكم عند المالكية، فإنه لا يكبر حال اشتغال الإِمام بالدعاء، حتى يكبر، فإن التكبيرات كالركعات، ولا يقضي ركعة كاملة في صلب الإِمام، وروى مُطرِف أنه يكبر حين يحضر، وبه قال، واختاره، ابن ... وابن رشد وسند من المتأخرين. وبه قال أبو يوسف. وعند المالكية يدعو المسبوق، إذا تركت له الجنازة، وإلا والى التكبير وسلم، لئلا يكون مصليًا على غائب.

ومذهب الشافعيّ أنه يكبر حين يحضر، وهو رواية عند أحمد، وهو قول الثّوريّ، ويستحب أن لا ترفع الجنازه حتى يتم المسبوق ما عليه، فلو رفعت لم يضر، قال القسطلاني: وتبطل بتخلفه عن إمامه بتكبيرة بلا عذر، بأن لم يكبر حتى كبر الإِمام المستقبلة، إذ الاقتداء هنا إنما يظهر في التكبيرات، وهو تخلف فاحش يشبه التخلف بركعة، وفي الشرح الصغير احتمال أنه كالتخلف بركن، حتى لا تبطل إلا بتخلفه بركنين. وخرج بالتقييد "بلا عذر" من عذر ببطء القراءة أو النسيان أو عدم سماع التكبير، فلا يبطل تخلفه بتكبيرة فقط، بل بتكبيرتين على ما اقتضاه كلامهم.

ثم قال: وقال ابن المسيب يكبِّر بالليل والنهار والسفر والحضر أربعًا. قال في "الفتح"، لم أره موصولًا عنه، ووجدت معناه بإسناد قويّ عن عقبة بن عامر الصّحبي. أخرجه ابن أبي شيبة عنه موقوفًا، وقد مرَّ ابن المسيب في التاسع عشر من الإِيمان.

ثم قال: وقال أنس التكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة، وصله سعيد بن منصور عن زُريق بن كريم أنه قال لأنس بن مالك: رجل صلى فكبر ثلاثًا. قال أنس: أوليس التكبير ثلاثًا؟ قال: يا أبا حمزة التكبير أربعًا، قال: أجل، غير أن واحدة هي استفتاح الصلاة. وأنس مرَّ في السادس في الإِيمان.

ثم قال: وقال، {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} أي: وقال الله سبحانه وتعالى، وهذا معطوف على أصل الترجمة، ثم قال: وفيها صفوف وإمام، وهذا معطوف على قوله "وفيها تكبير وتسليم". وقال مفلطاي: كأنّ البخاريّ أراد الرد على مالك، فإن ابن العربيّ نقل عنه أنه استحب كأن يكون المصلون على الجنازة سطرًا واحدًا، قال: ولا أعلم لذلك وجهًا، وقد تقدم حديث مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>