للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجه، فكثر فينا فلم يقم له، فصرنا نجلد" وقوله: فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما، زاد في حديث أبي هريرة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- "فإني أحكم بما في التوراة".

وفي حديث البراء "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه". وفي حديث جابر من الزيادة أيضًا "فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشهود، فجاء أربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل المِيل في المكحلة، فأمر بهما فرجما".

وقوله: فرأيت الرجل يحني، كذا في رواية السَّرْخسيّ، بالحاء المهملة بعدها نون مكسورة ثم تحتانية ساكنة، وعن المستملي والكشميهنيّ بجيم ونون مفتوحة ثم همزة. وقال ابن دقيق العيد: إنه الراجح، وفي رواية أيوب يُجانىء، بضم أوله وجيم مهموز. قال ابن عبد البر: الصواب يحني، أي: يميل.

وجملة ما حصل لنا من الاختلاف في ضبط هذه اللفظة عشرة أوجه، هذه الثلاثة المذكورة. الرابع كالأول إلا أنه بالموحدة بدل النون، الخامس كالثاني إلا أنه بواو بدل الهمزة، السادس كالأول إلا أنه بالجيم، السابع بضم أوله وفتح المهملة وتشديد النون، الثامن يُجاني، التاسع مثله لكنه بالغاء بدل النون وبالجيم أيضًا.

وفي بعض الروايات "فرأيت اليهودي أحنى عليها" بلفظ الفعل الماضي، أي كبّ عليها. يقال أحْنَت المرأة على ولدها حُنوًا وحنت بمعنى، وفي رواية أجنى بالجيم بدل الحاء، وهو بمعنى الذي بالمهملة، قال ابن القطاع: جَنَأ على الشيء: حنا ظهره عليه. وقال الأصمعي: أَحْنا الترس جعله مجَنَّاً: أي مُحْدودبًا.

وقوله: يَقيها الحجارة، بفتح أوله ثم قاف، تفسير لقوله يحني، وفي رواية عبيد الله بن عمر "فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه" ولابن ماجه "يسترها" وعند الطبرانيّ عن ابن عباس "فلما وجد مس الحجارة قام على صاحبته يحني عليها، يقيها الحجارة، حتى قتلا جميعا"، فكان ذلك مما صنع الله تعالى لرسوله في تحقيق الزنا منهما.

وفي الحديث من الفوائد وجوب الحد على الكافر الذميّ إذا زنى، وهو قول الجمهور، وفيه خلاف عند الشافعية، وذهل ابن عبد البر فنقل الاتفاق على أن شرط الإِحصان الموجب للرجم الإِسلامُ، وَرُدَّ عليه بأنَّ الشافعية وأحمد لا يشترطان ذلك، ويؤيد مذهبهما وقوع التصريح بأن اليهوديين اللذين قد رجما كانا قد أحْصِنا، كما مرَّ نقله، وقالت المالكية، ومعظم الحنفية وربيعة شيخ مالك: شرط الإِحصان الإِسلام، وأجابوا عن حديث الباب بأنه عليه الصلاة والسلام إنما رجمهما بحكم التوراة، وليس هو من حكم الإِسلام في شيء، وإنما هو من باب تنفيذ الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>