للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينبغي مما يسخط الله. وقال ابن التين في هذا الحديث: "اخسأ" معناه اسكت صاغرًا مطرودًا. وقال الراغب: خَسَأ البصر انقضى عن مهماته، وخَسَأتُ الكلب فانخسأ، زجرته فانزجر مستهينًا به. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {قِرَدَةً خَاسِئِينَ} أي: قاحِسين مبعدين، يقال: خسأته عني وخَسَأ هو، يتعدى ولا يتعدى.

وقال في قوله تعالى: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا} أي: مبعدًا. وقوله: فلن تعدو قدرك، أي: لن تجاوز ما قدره الله فيك، أو مقدار أمثالك من الكهان. قال العلماء: واستكشف النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره ليبين للناس تمويهه، لئلا يلتبس حاله على ضعيف لم يتمكن في الإِسلام، ومحصل ما أجاب به النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال له، على طريق الفرض، والتنزل: إن كنت صادقًا في دعواك الرسالةَ، ولم يختلط عليك الأمر، آمنت بك، وإن كنتَ كاذبًا، وخلط عليك الأمر، فلا، وقد ظهر كذبك والتباس الأمر عليك، فلا تعدو قدرك.

وقوله: إنْ يكنه، هو رواية الكشميهنيّ بوصل الضمير، واختار ابن مالك جوازه، وفي رواية الأكثر "إن يكن هو" بضمير فصل، والضمير لغير مذكور لفظًا، وعند أحمد عن ابن مسعود "إن يكن هو الذي تخاف فلن تستطيعه" وفي مرسل عُروة عند الحارث بن أبي أُسامة "إن يكن هو الدجال" وقوله: فلن تسلط عليه، في حديث جابر، "فلست بصاحبه إنما صاحبه عيسى بن مريم".

وقوله: وإن لم يكنه، فلا خير لك في قتله، قال الخطابيّ: إنما لم يأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قتله مع ادعائه النبوءة بحضرته, لأنه كان غير بالغ، ولأنه كان من جملة أهل العهد. والثاني هو المتعين، وقد جاء مصرحًا به عن جابر عند أحمد، في مرسل عُروة "فلا يحل لك قتله" ثم إن في السؤال نظرًا, لأنه لم يصرح بدعوى النبوءة، وإنما أوهم أنه يدّعي الرسالة، ولا يلزم من دعوى الرسالة دعوى النبوءة. قال الله تعالى: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} الآية.

وقوله: وقال سالم: سمعت ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول انطلق .. الخ. هذه هي القصة الثانية من هذا الحديث، وهو موصول بالإسناد الأول، وقد أفردها أحمد عن عبد الرزاق بإسناد حديث الباب، وفي حديث جابر "ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعه أبو بكر وعمر، ونفر من المهاجرين والأنصار، وأنا معهم" ولأحمد عن أبي الطُّفيل أنه حضر ذلك أيضًا. وقوله: وهو يختِل، بمعجمة ساكنة بعدها مثناة مكسورة، أي: يخدعه، والمراد أنه كان يريد أن يستغله ليسمع كلامه، وهو لا يشعر، وفي حديث جابر "رجاء أنْ يسمع من كلامه شيئًا ليعلم أصادق هو أم كاذب".

وقوله: فيها رمزة أو زمرة، كذا للأكثر على الشك في تقديم الراء على الزاي، أو تأخيرها، ولبعضهم زمزمة ورمرمة على الشك، هل بزايين أو براءين، مع زيادة ميم فيهما، ومعنى هذه الكلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>