للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وليقض" بغير ياء مد، ثم قال: ويحتمل أن تكون بمعنى الدعاء، أي اللهم اقضي، أو الأمر هنا بمعنى الخبر.

وفي الحديث الحض على الخير بالفعل وبالتسبب إليه بكل وجه، والشفاعة إلى الكبير في كشف كُرْبة، ومَعونة ضعيف، إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى الرئيس، أو التمكن منه ليلج عليه، أو يوضح له مراده. ليعرف حاله على وجهه، وإلا فقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يحتجب. قال عياض: ولا يستثني من الوجوه التي تستحب الشفاعة فيها إلا الحدود، وإلا فما لأحد فيه تجوز الشفاعة فيه، ولاسيما ممن وقعت منه هفوة أو كان من أهل الستر والعفاف. قال: وأما المصرون على فسادهم، المشتهرون في باطلهم، فلا يشفع فيهم، ليزجروا عن ذلك.

وقد قال تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} وحاصل معنى الآية أنَّ مَنْ شفع لأحد في الخيركان له نصيب من الأجر، ومَنْ شفع له بالباطل كان له نصيب من الوِزر. وقيل: الشفاعة الحسنة الدعاءَ للمؤمن، والسيئة الدعاء عليه.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا، مرَّ موسى بن إسماعيل في الخامس من بدء الوحي، ومرّ عبد الواحد بن زياد في التاسع والعشرين من الإيمان، ومرّت الثلاثة الباقية بهذا النسق في الرابع منه.

[لطائف إسناده]

فيه التحديث بالجمع والعنعنة، ورواته بصريان وكوفيون، وفيه الرواية عن الجد والأب. أخرجه البخاريّ أيضًا في الأدب. وفي التوحيد، ومسلم في الأدب، وأبو داود فيه وفي السنة، والتِّرمِذِيّ في العلم، والنَّسائيّ في الزكاة.

[الحديث السابع والثلاثون]

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لِى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تُوكِى فَيُوكَي عَلَيْكِ. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدَةَ وَقَالَا: لاَ تُحْصِى فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ".

قوله: "حدثنا عثمان عن عَبَدَة" أي بإسناده المذكور، ويحتمل أن يكون الحديث كان عند عبدة عن هشام باللفظين، فحدث به تارة هكذا، وتارة هكذا. وقد رواه النَّسَائي والإسماعيليّ عن هشام باللفظين معًا. وقوله: "لا تُوكي" من أوكى يوكي، يقال: أوكى ما في سقائه إذا شده بالوِكاء، وهو الخيط الذي يُشد به رأس القربة. وأوكى علينا أي: بخل. وقوله: "فيوكَي عليك" بفتح الكاف على صيغة المجهول، وسيأتي في الهبة بلفظ: "ولا تحصي فيحصى الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك" والوَعْي، بالعين المهملة، بمعنى الإيكاء. يقال: أوعيت المتاع في الوعاء أُوعية إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>