للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فإذا بلغت خمسًا من الإبل ففيها شاه، وفي صدقة الغنم ... إلخ" قد اقتطع البخاريُّ من بين هاتين الجملتين بعد قوله: "ففيها شاة" قوله: "ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجَذَعة" إلى آخر ما ذكره في الباب الذي قبله. وقد ذكره في باب العرض في الزكاة، وزاد، بعد قوله فيه: "يقبل منه بنت مخاض ويعطي معها عشرين درهمًا أو شاتين، فإن لم تكن عنده بنت مخاض على وجهها، وعنده ابن لبون، فإنه يقبل منه، وليس معه شيءٌ" وهذا الحكم متفق عليه، فلو لم يجد واحدًا منهما، فله أن يشتري أيهما شاء على الأصح عند الشافعية، وقيل: يتعين شراء بنت مخاض، وهو قول مالك وأحمد.

وقوله: "ويعطي معها عشرين درهمًا أو شاتين" هو قول الشافعيّ وأحمد وأصحاب الحديث. وعن الثَّوريّ عشرة، وهي رواية عن إسحاق، وعن مالك: يلزم رب المال بشراء ذلك السن بغير جُبران. قال الخطابيّ: يشبه أن يكون الشارع جعل الشاتين أو العشرين درهمًا تقديرًا في الجُبران لئلا يَكِل الأمر إلى اجتهاد الساعي، لأنه يأخذها على المياه، حيث لا حاكم ولا مُقَوِّم غالبًا، فضبطه بشيء يرفع التنازع، كالصاع في المُصَرَّاة والغُرة في الجنين، وبين هاتين الجملتين قوله: "وفي صدقة الغنم" وسيأتي التنبيه على ما حذفه منه أيضًا في موضع آخر قريبًا.

وقوله: "في سائمتها" أي: راعيتها، وهذا دليل على أن لا زكاة في المعلوفة، وهذا قول أبي حنيفة والشافعيّ وأحمد والليث وأبي ثور. وقال الحنفية: لا زكاة في العوامل والمعلوفة، وعند مالك وقتادة ومحكول: تجب الزكاة في المعلوفة والنواضح بالعمومات. استدل الأولون بكتاب الصديق هذا، وما شابهه، وجعل مالك ومَنْ معه التعبير بالسوم من باب التعبير بالغالب، على حد قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} فلا مفهوم له.

والسائمة عند أبي حنيفة وأحمد هي التي تكتفي بالرعي في أكثر الحول؛ لأن اسم السوم لا يزول عنها بالعلف اليسير، ولأن العلف اليسير لا يمكن التحرز منه، ولأن الضرورة تدعو إليه في بعض الأحيان، لعدم الشرعي فيه، واعتبر الشافعي في جميع الحول، ولو علفت قدرًا تعيش بدونه بلا ضرر بَيِّن، وجبت الزكاة.

وقوله: "إذا كانت أربعين ... إلخ" في رواية الكشميهنيّ: "إذا بلغت" وقد أجمع العلماء على أن لا شيء في أقل من الأربعين من الغنم. وقوله: "فإذا زادت على عشرين ومئة، في كتاب عمر "فإذا كانت إحدى وعشرين، حتى تبلغ مئتين، ففيها شاتان". وقوله: "فإذا زادت على مئتين إلى ثلاث مئة، ففيها ثلاث" مذهب مالك أنها إذا زادت على مئتين بشاة، تجب فيها ثلاث شياه، تقديمًا لحق الفقراء عند وجود أول جزء من المئة الثالثة.

وقوله: "فإذا زادت على ثلاث مئة، ففي كل مئة شاة" مقتضاه أنه لا تجب الشاة الرابعة حتى تتم أربع مئة، وهو قول الجمهور. قالوا: وفائدة ذكر الثلاث مئة لبيان النصاب الذي بعده، لكون

<<  <  ج: ص:  >  >>