للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقاربه، وبني عمه. قال: وقوله: في أقاربه، أي أقارب أبي طلحة. قال ابن عبد البر: إضافة القَسْم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان سائعًا شائعًا في لسان العرب، على معنى أنه الأمر به، لكن أكثر الرواة لم يقولوا ذلك، والصواب رواية من قال: فقسمها أبو طلحة.

وقوله: "في أقاربه وبني عمه" في رواية ثابت: فجعلها لحسّان وأُبَيَّ، وكذا في رواية همام عن إسحاق. وفي رواية الأنصاريّ عن أبيه عن ثُمامة، وقد تمسك به من قال: أقل مَنْ يعطى من الأقارب إذا لم يكونوا منحصرين اثنان. وفيه نظر. لأنه وقع في رواية ابن الماجشون عن إسحاق، فجعلها أبو طلحة في ذي رحمه، وكان منهم حسّان وأُبَيّ بن كَعْب، فدل على أنه أعطى غيرها معهما، وفي مرسل أبي بكر بن حزم: فرده على أقاربه: أُبَيِّ بن كعب وحسّان بن ثابت وأخيه أو ابن أخيه شداد بن أوس ونُبَيط بن جابر، فتقاوموه، فباع حسّان حصته من معاوية بمئة ألف درهم.

وفي رواية عبد العزيز في الوقف "فباع حسّان حصته من معاوية، فقيل له: أتبيع صدقة أبي طلحة؟ فقال: ألا أبيع صاعًا من تمر بصاع من دراهم؟ " وهذا يدل على أن أبا طلحة ملكهم الحديقة المذكورة، ولم يقفها عليهم، إذ لو وقفها عليهم ما ساغ لحسّان أنْ يبيعها، فيعكر على مَنْ استدل بشيء من قصة أبي طلحة في مسائل الوقف، إلا فيما لا تخالف فيه الصدقة الوقف. ويحتمل أن يقال: شَرَط أبو طلحة عليهم لمّا وَقَفها عليهم أن من احتاج إلى بيع حصته منهم جاز له بيعها. وقد قال بجواز هذا الشرط على رضي الله تعالى عنه، ومالك وغيرهما.

وقد اختلف العلماء في الأقارب، فقال أبو حنيفة: القرابة كل ذي رَحِم مُحَرَّم من قبل الأب أو الأم، ولكن يبدأ بقرابة الأب قبل الأم، وقال أبو يوسف ومحمد: من جمعهم أب منذ الهجرة من قبل أب أو أُم من غير تفصيل، زاد زفر: ويقدم من قرب منهم، وهي رواية عن أبي حنيفة أيضًا. وأقل من يدفع إليه ثلاثة، وعند محمد اثنان، وعند أبي يوسف واحد، ولا يصرف للأغنياء عندهم إلا أن يشترط ذلك.

وقالت الشافعية والمالكية: القريب من اجتمع في النسب سواء قَرُب أو بعد، مسلمًا كان أو كافرًا، غنيًا كان أو فقيرًا، ذكرًا كان أو أُنثى، وارثًا أو غير وارث، محرمًا أو غير محرم. وقالوا: إن وجد جَمْعٌ محصورون أكثر من ثلاثة استوعبوا، وقيل: يقتصر على ثلاثة، وإن كانوا غير محصورين، ونقل الطحاويّ الاتفاق على البُطلان، وفيه نظر، لأن عند الشافعية وجهًا بالجواز، ويصرف لثلاثة منهم، ولا تشترط التسوية. وقال أحمد في القرابة مثلهما، إلا أنه أخرج الكافر. وفي رواية عنه: القرابة كل من جمعه مع الموصي الأب الرابع إلى ما هو أسفل منه.

وعند المالكية يبدأ بفقرائهم حتى يغنوا، ثم يعطي الأغنياء. وفي قصة أبي طلحة أن الوقف لا يحتاج في انعقاده إلى قبول الموقوف عليه، وقيدت المالكية ذلك بأن لا يكون معينًا أهلًا للقبول

<<  <  ج: ص:  >  >>