للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الصدقة على اليتامى]

قال الزين بن المنير: عبّر بالصدقة دون الزكاة، لتردد الخبر بين صدقة الفرض والتطوع، لكون ذكر اليتيم جاء متوسطاً بين المسكين وابن السبيل، وهما من مصارف الزكاة. وقال ابن رشيد: لما قال: باب ليس على المسلم في فرسه صدقة، عُلِم أنه يريد الواجبة، إذ لا خلاف في التطوع، فلما قال: الصدقة على اليتامى، أحال على معهود.

[الحديث التاسع والستون]

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ: إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا. فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ يُكَلِّمُكَ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ. قَالَ فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ. فَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ إِلاَّ آكِلَةَ الْخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قوله: "إن مما أخاف عليكم من بعد ما يُفتح عليكم" وفي رواية السرخسي: إني مما أخاف، وفي رواية مالك في الرقاق: أن أكثر ما أخاف عليكم. وما في قوله: "ما يفتح" في موضع نصب، لأنها اسم إن، ومما في قوله: "إن مما" في موضع رفع لأنها الخبر، وقوله: "من زهرة الدنيا وزينتها"، وقوله: "وزينتها" عطف تفسير، وزَهْرة الدنيا، بفتح الزاي وسكون الهاء، وقد قرىء في الشاذ عن الحسن وغيره بفتح الهاء، فقيل: هما بمعنى، مثل جَهْرة وجَهَرة. وقيل: بالتحريك جمع زاهر، كفاجرِ وفَجَرة. والمراد بالزَهرة الزينة والبهجة، كما في الحديث. والزهرة مأخوذة من زَهرة الشجرَ، وهو نوْرها، بفتح النون. والمراد ما فيها من أنواع المتاع والعين والثياب والزروع وغيرها، مما يفتخر الناس بحسنه، مع عدم البقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>