للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطان: ما رأيت أعقل ولا أفقه من الشافعيّ. وأنا أدعو الله له، أخصه به وحده في كل صلاة. وقال الأصمعي: سمعت أشعار البدويين على شاب من قريش يقال له محمد بن إدريس، وقال عبد الملك بن هشام: الشافعيُّ بصير باللغة، يؤخذ عنه، ولسانه لغة فاكتبوه. وقال مصعب الزبيريّ: ما رأيت أعلم بأيام الناس منه.

وقال أبو الوليد بن أبي الجارود: كان يقال: إن الشافعيّ لغة وحده، يحتج بها. وقال ابن عبد الحكم: إن أحد من أهل العلم حجة فالشافعيُّ حجة في كل شيء. وقال الزعفرانيّ: ما رأيته لَحَنَ قط. وقال يونس بن عبد الأعلى: كان إذا أخذ في العربية قال: هذه صناعته. وقال النَّسائيّ: كان الشافعيّ عندنا أحد العلماء، ثقة مأمونًا، وقال المزنيّ: كان بصيرًا بالفُروسية والرمي، وصنف كتاب السبق، ولم يسبقه أحد إليه. وقال الحاكم: تتبعنا التواريخ وسائر الحكايات عن يحيى بن مُعين، فلم نجد في رواية واحد منهم طعنًا على الشافعيّ، ولعل من حكى عنه غير ذلك قليل المبالاة بالوضع على يحيى. وقال أبو منصور البغداديّ: بالغ مسلم في تعظيم الشافعيّ في كتاب الانتفاع، وفي كتاب الرد على محمد بن نصر، وعده في هذا الكتاب من الأئمة الذين يرجع إليهم في الحديث، وفي الجرح والتعديل.

قال الذهبيّ: كان حافظًا للحديث، بصيرًا بعلله، لا يقبل منه إلا ما ثبت عنده، ولو طال عمره لازداد منه. وقال الربيع: سمعته يقول: إذا رديت حديثًا صحيحًا، فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب. وقال إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط. ومناقبه أكثر من الحصر، وقد جمعها ابن أبي حاتم، وزكرياء الساجيّ والحاكم والبيهقيّ والهرويّ وابن عَسَاكر وغيرهم.

روى عن مسلم بن خالد الزّنجيّ ومالك بن أنس وإبراهيم بن سعد وابن عُيينة وابن علية وخلق. وروى عنه سليمان بن داود وأحمد بن حنبل وأبو ثَور إبراهيم بن خالد والحسن بن محمد الزعفرانيّ وغيرهم. مات في آخر يوم من رجب، سنة أربع ومئتين بمصر. وكان قد انتقل إليها سنة تسع وتسعين ومئة.

الثاني عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن بن الأسود الأودي الرعافريّ، أبو محمد الكوفيّ. قال أحمد: كان نسيج وحده. وقال عثمان الدارميّ: قلت لابن مُعين: ابن إدريس أحب إليك أو ابن نمير؟ قال: ثقتان، إلا أن ابن إدريس أرفع منه، وهو ثقة في كل شيء. وقال يعقوب بن شَيبة: كان عابدًا فاضلًا، وكان يسلك في كثير من فتياه ومذاهبه مسالك أهل المدينة. وكان بينه وبين مالك صداقة. وقيل: إن بلاغات مالك سمعها من ابن إدريس. وقال بشر الحافي: ما شرب أحد من ماء الفرات فَسَلِم إلا ابن إدريس.

وقال الحسن بن عُرْفَة: ما رأيتُ بالكوفة أفضل منه. وقال ابن المَدِينيّ: عبد الله بن إدريس فوق أبيه في الحديث. وقال جعفر الفرياتي: سألت ابن نمير عن عبد الله بن إدريس وحفص،

<<  <  ج: ص:  >  >>