للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو أنَّ الرجل كان في الحياء، فكان ذلك يمنعه من استيفاء حقوقه، فعاتبه أخوه على ذلك، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: اتركه على هذا الخلق السَّنِيّ ثم زاده في ذلك ترغيبًا لحكمه بأنه من الإِيمان، وإذا كان الحياء يمنع صاحبه من استيفاء حق نفسه، جرَّ له ذلك تحصيل أجر ذلك الحق، لا سيما إذا كان المتروك له مستحقًا.

وقوله: "فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: دعه فإن الحياء من الإِيمان" قال ابن قُتَيبْة: معناه أن الحياء يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي، كما يمنع الإِيمان فسُمِّي إيمانًا كما يسمى الشيء باسم ما قام مقامه، وحاصله أن إطلاق كونه من الإِيمان مجاز، ومن تبعيضية، كقوله في الحديث السابق: "الحياء شعبة من الإِيمان" ولا يقال: إذا كان الحياء بعض الإِيمان فينتفي الإِيمان بانتفائه، لأن الحياء من مكملات الإِيمان، ونفي الكمال لا يستلزم نفي الحقيقة، والظاهر أن الواعظ كان شاكًّا، بل كان منكرًا، ولذلك وقع التأكيد بإنَّ، ويجوز أن يكون من جهة أن القصة في نفسها مما يجب أن يهتم به ويؤكد، وإنْ لم يكن ثَمَّ إنكارٌ أو شكٌ. وقد مرّت مباحث الحياء في باب أمور الإِيمان.

[رجاله خمسة]

الأول: عبد الله بن يوسُف. والثاني: الإِمام مالك بن أنس، وقد مرّا في الثاني من بدء الوحي. والثالث: ابن شِهاب ومرّ في الثالث منه أيضًا، ومر عبد الله بن عُمر في الأثر الرابع أول كتاب الإِيمان قبل ذكر حديث منه.

الرابع من السند: سالِم بن عبد الله بن عُمر بن الخطاب العَدَويّ أبو عُمر، ويقال: أبو عبد الله المدني الفقيه، أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال المتقدمة في ترجمة عُروة بن الزُّبير في الثالث من بدء الوحي.

قال علي بن الحسن العَسْقلاني، عن ابن المُبارك: كان فقهاء أهل المدينة، فذكره فيهم. قال: وكانوا إذا جاءتهم المسألة دَخَلوا فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>