للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأَرْدِيَةِ وَالأُزْرِ تُلْبَسُ إِلاَّ الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ، فَأَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ بُدْنِهِ لأَنَّهُ قَلَّدَهَا، ثُمَّ نَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْحَجُونِ، وَهْوَ مُهِلٌّ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا مِنْ رُءُوسِهِمْ ثُمَّ يَحِلُّوا، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَهَا، وَمَنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَهِىَ لَهُ حَلاَلٌ، وَالطِّيبُ وَالثِّيَابُ.

قوله: "ترجل"، أي: سرح شعره، وقوله: "وادَّهن"، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن والسيرج، وأن يستعمل ذلك في جميع بدنه سوى رأسه ولحيته، وأجمعوا على أن الطيب لا يجوز استعماله في بدنه، ففرقوا بين الطيب والزيت في هذا، وقياس كون المحرم ممنوعًا من استعمال الطيب في رأسه أن يباح له استعمال الزيت في رأسه، وقد تقدم الكلام عليه في باب الطيب عند الإحرام.

وقوله: "التي تردع" بفتح المثناة الفوقية، والدال آخره عين مهملتين، وفي رواية بضم أوله وكسر ثالثه، قال عياض: الفتحُ أوجهُ، ومعنى الضم أنها تبقي أثرة، وشرح، أي: تلطخ، يقال: ردع إذا تلطخ، والردع أثر الطيب، وردع به الطيب إذا ألزق بجلده، قال ابن بطال: وقد روي بالمعجمة من قولهم: أردغت الأرض إذا كثرت منافع المياه فيها، والردغ بالغين المعجمة الطين، وليس في شيء من الطرق ضبط هذه اللفظة بالغين المعجمة، ولا تعرض لها عياض، ولا ابن قرقول، ووقع في الأصل: "تردع على الجلد" قال ابن الجوزي: الصواب حذف على، وإثباتها ممكن توجيهه.

وقوله: "فأصبح بذي الحليفة"، أي: وصل إليها نهارًا، ثم بات بها كما يأتي صريحًا عن أنس في الباب الذي بعده.

وقوله: "حتى استوى على البيداء أهلَّ" تقدم ما في هذا من الخلاف، وطريق الجمع المختلف فيه عند ابن عمر في باب غسل النعلين من الوضوء.

وقوله: "وذلك لخمسٍ بقين من ذي القعدة" أخرج مسلم نحوه عن عائشة، واحتج به ابن حزم في حجة الوداع له على أن خروجه عليه الصلاة والسلام من المدينة كان يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>