للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسمة الذهب والفضة صوابًا، كان حكم الكسوة حكم المال تجوز قسمتها، بل ما فضل من كسوتها أولى بالقسمة، وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون مقصوده التنبيه على أن كسوة الكعبة مشروع، والحجة فيه أنها لم تزل تقصد بالمال يوضع فيها على وجه الزينة إعظامًا لها، فالكسوة من هذا القبيل، قال: ويحتمل أن يكون أراد ما في بعض طرق الحديث كعادته، ويكون هناك طريق موافقة للترجمة إما لخلل شرطها، وإما لتبحر الناظر في ذلك، وإذا تقرر ذلك فيحتمل أن يكون أخذه من قول عمر: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة، فالمال يطلق على كل شيء، فتدخل فيه الكسوة.

وقد ثبت في الحديث: "ليس لك من مالك إلا ما لبست فأبليت"، قال: ويحتمل أيضًا، فذكر نحو ما قال ابن بطال، وزاد: فأراد التنبيه على أنه موضع اجتهاد وأن رأي عمر جواز التصرف في المصالح، وأما الترك الذي احتج به عليه شيبة فليس صريحًا في المنع، والذي يظهر جواز قسمة الكسوة العتيقة إذ في بقائها تعريض لإتلافها, ولا جمال في كسوة عتيقة مطوية، قال: ويؤخذ من رأي عمر أن صرف المال في المصالح آكد من صرفه في كسوة الكعبة، لكن الكسوة في هذه الأزمنة أهم، قال: واستدلال ابن بطال بالترك على إيجاب بقاء الأحباس لا يتم إلا إن كان القصد بمال الكعبة إقامتها، وحفظ أصولها إذا احتيج إلى ذلك، ويحتمل أن يكون القصد منه منفعة أهل الكعبة وسدنتها أو إرصاده لمصالح الحرم أو لأعم من ذلك، وعلى كل تقدير فهو تحبيس لا نظير له، فلا يقاس عليه، ولشى في شيء من طريق حديث شيبة هذا ما يتعلق بالكسوة إلا أنَّ الفاكهاني روى في "كتاب مكة" عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، قالت: دخل علي شيبة الحجبي، فقال: يا أم المؤمنين، إن ثياب الكعبة تجتمع عندنا فتكثر، فننزعها ونحفر بيرًا فنعمقها وندفنها لكي لا تلبسها الحائض والجنب، قالت: بئسما صنعت، ولكن بعها فاجعل ثمنها في سبيل الله وفي المساكين، فإنها إذا نزعت عنها لم يضر من لبسها من حائض أو جنب، فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع له، فيضعها حيث أمرته. وأخرجه البيهقي، لكن في إسناده ضعيف، وإسناد الفاكهاني سالم منه.

وأخرج الفاكهاني أيضًا عن ابن خيثم، قال: حدثني رجل من بني شيبة، قال: رأيت شيبة بن عثمان يقسِّمُ ما سقط من كسوة الكعبة على المساكين، وأخرج عن ابن أبي نجيح، عن أبيه أن عمر كان ينزع كسوة الكعبة كل سنة فيقسمها على الحاج، فلعل البخاري أشار إلى شيء من ذلك، وقد اختلف في الكسوة هل يجوز التصرف فيها بالبيع ونحوه، فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>