للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "وظهره في الدار"، مبتدأ وخبره، والجملة وقعت حالًا، والمراد من الظهر مركوبه الذي يركبه من الإبل، والمعنى: أن عبد الله بن عمر كان عازمًا على الحج، وأحضر مركوبه ليركب عليه، فقال له ابنه عبد الله ما قال.

وقوله: "إني لا آمن" بالمد وفتح الميم المخففة، أي: أخاف، هذه رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي: إني لا إيْمَن بكسر الهمزة وسكون الباء وفتح الميم، وهي لغة تميم، فإنهم يكسرون حرف المضارعة غير الباء من مستقبل ماضيه على فعل بالكسر، ولا يكسرون إذا كان ماضيه بالفتح إلا أن يكون فيه حرف حلق نحو أذهب وألحق.

وقوله: "فلو أقمت" يحتمل أن تكون كلمة لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب، ويحتمل أن تكون للشرط وجوابه محذوف، أي: فلو أقمت في هذه السنة وتركت الحج لكان خير لعدم الأمن.

وقوله: "فإن حيل بيني وبينه" كذا للأكثر، وللكشميهني: وإن يُحَلْ، بضم الياء وفتح المهملة واللام ساكنة.

وقوله: "وإن حيل بيني وبينه"، أي: منعت من الوصول إليه لأتطوف، تحللت بعمل عمرة، وهذا يبين أن المراد بقوله: "ما أمرهما إلا واحد" يعني الحج والعمرة في جواز التحلل منهما بالإحصار، أو في إمكان الإحصار عن كل منهما، ويؤيد الثاني قوله في رواية يحيى القطان بعد قوله: "ما أمرهما إلا واحد": إن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحج، فكأنه رأى أولًا أن الإحصار عن الحج أشد من الإحصار عن العمرة لطول زمن الحج وكثرة أعماله، فاختار الإهلال بالعمرة، ثم رأى أن الإحصار بالحج يفيد التحلل عنه بعمل العمرة، فقال: ما أمرهما إلا واحد.

وقوله: "أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حجًا"، أي: ألزمت نفسي ذلك، وكأنه أراد تعليم من يريد الاقتداء به وإلا فالتلفظ ليس بشرط.

وقوله: "فطاف لهما طوافًا واحدًا" قد مرَّ الكلام عليه مستوفى في الذي قبله، وفي الحديث أن الصحابة كانوا يستعملون القياس ويحتجون به، وفيه من الفوائد أن من أحصر بالعدو بأن منعه من المضي في نسكه حجًا كان أو عمرة جاز له التحلل بأن ينوي ذلك وينحر هديه، ويحلق رأسه أو يقصره، وفيه جواز إدخال الحج على العمرة، وهو قول الجمهور لكن شرطه عند الأكثر أن يكون قبل الشروع في طواف العمرة، وقيل: إن كان قبل مضي أربعة

<<  <  ج: ص:  >  >>