للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن"، القائل: هو الزهري، وفي رواية سفيان، عن الزهري، عند مسلم، قال الزهري: فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن فأعجبه.

وقوله: "إن هذا العلم" كذا للأكثر، أي: إن هذا هو العلم المتين، وللكشميهني: إن هذا لَعلم بفتح اللام، وهي لام التوكيد، وبالتنوين على أنه الخبر.

وقوله: "إن الناس إلا من ذكرت عائشة"، إنما ساغ له هذا الاستثناء مع أن الرجال الذين أخبروه أطلقوا ذلك لبيان الخبر عنده من رواية الزهري له عن عروة عنها، ومحصل ما أخبره به أبو بكر بن عبد الرحمن أن المانع لهم من التطوف بينهما أنهم كانوا يطوفون بالبيت، وبين الصفا والمروة في الجاهلية، فلما أنزل الله الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بينهما ظنوا رفع ذلك الحكم، فسألوا: هل عليهم من حرج إن فعلوا ذلك بناء على ما ظنوه من أن التطوف بينهما من فعل الجاهلية، ووقع في رواية سفيان المذكورة: إنما كان من لا يطوف بينهما من العرب يقولون: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية.

وقوله: "فأسمع هذه الآية" نزلت في الفريقين، كذا في معظم الروايات بإثبات الهمزة وضم العين بصيغة المضارع للمتكلم، وضبطه الدمياطي في نسخته بالوصل، وسكون العين بصيغة الأمر، والأول أصوب، وفي رواية سفيان المذكورة: فأُراها نزلت، وهو بضم الهمزة، أي: أظنها، وحاصله إن سبب نزول الآية على هذا الأسلوب كان للرد على الفريقين الذين تحرجوا أن يطوفوا بينهما لكونه عندهم من أفعال الجاهلية، والذين امتنعوا من الطواف بينهما لكونهما لم يذكرا.

وقوله: "حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت" يعني تأخر نزول آية البقرة في الصفا والمروة عن آية الحج، وهي قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، والمعنى أنهم امتنعوا من السعي بين الصفا والمروة لأن قوله: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} دل على الطواف بالبيت ولا ذكر للصفا والمروة فيه حتى نزل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} بعد نزول: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ}، وفي رواية المستملي وغيره: حتى ذكر بعد ذلك ما ذكر الطواف بالبيت، قال في "الفتح": وفي توجيهه عسر، قال العيني: لا عسر فيه، فقد وجهه الكرماني، فقال: لفظ ما ذكر بدل من ذلك، أو أن ما مصدرية، والكاف مقدر كما في قوله: زيد أسد، أي: ذكر السعي بعد ذكر الطواف كذكر الطواف واضحًا جليًا ومشروعًا مأمورًا به، قلت: هذا التوجيه الذي قال فيه: لا عسر فيه ما فوقه عسر، ولم يتبين به معنى اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>