للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ثم ليهل بالحج" أي: يحرم وقت خروجه إلى عرفة، ولهذا أتى بثم الدالة على التراخي فلم يرد أنه يهل بالحج عقب إحلاله من العمرة.

وقوله: "فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج" أي: لم يجد الهدي بذلك المكان ويتحقق ذلك بأن يعدم الهدي أو يعدم ثمنه حينئذٍ أو يجد ثمنه لكن يحتاج إليه لأهم من ذلك أو يجده لكن يمتنع صاحبه من بيعه أو يمتنع من بيعه إلا بغلاء فينقل إلى الصوم كما هو نص القرآن والمراد بقوله: في الحج أي: بعد الإحرام به، وقال النووي: هذا هو الأفضل، فإن صامها قبل الإهلال في الحج أجزأه على الصحيح، وأما قبل التحلل من العمرة فلا على الصحيح قاله مالك وجوزه الثوري وأصحاب الرأي وعلى الأول فمن استحب صيام عرفة بعرفة قال: ويحرم يوم السابع ليصوم السابع والثامن والتاسع، وإلا فيحرم يوم السادس ليفطر بعرفة، فإن فاته الصوم قضاه، وقيل: يسقط ويستقر الهدي في ذمته وهو قول الحنفية، قالوا: لا يصوم الثلاثة ولا السبعة بعد يوم النحر وعند مالك يصوم أيام التشريق وفي صومها قولان عند الشافعية أظهرها لا يجوز.

وقال النووي: وأصحهما من حيث الدليل الجواز وقوله وسبعة إذا رجع إلى أهله أي: وطنه مكة أو غيرها في مذهب مالك وأحمد، وأصح قولي الشافعي أو معنى رجعتم فرغتم من أعمال الحج، وهو قول الشافعي الثاني، ومذهب أبي حنيفة قائلين إن الفراغ سبب الرجوع، فأطلق السبب على المسبب، فلو صام السبعة بمكة جاز عند الحنفية ولا يجوز عند غيرهم إلا أن ينوي الإقامة بها.

وقوله: ثم خب تقدم الكلام عليه في باب استلام الحجر الأسود، وتقدم الكلام على السعي في باب الصفا والمروة.

وقوله: ثم سلم فانصرف فأتى الصفا ظاهره أنه لم يتخلل بينهما عمل آخر، لكن في حديث جابر الطويل في صفة الحج عند مسلم ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم خرج من باب الصفا وقوله: ثم حل من كل شيء حرم منه تقدم أن سبب عدم إحلاله هو كونه ساق الهدي وإلا لكان يفسخ الحج إلى العمرة ويتحلل منها كما أمر به أصحابه.

وقوله: "وفعل مثل ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهدى وساق الهدي من الناس. وقوله: "من أهدى" فاعل قوله وفعل وفيه إشارة إلى عدم خصوصيته عليه الصلاة والسلام بذلك ووقع في رواية أبي الوقت بين قوله: وفعل مثل ما فعل وفاعله الذي هو من أهدى لفظ باب، وقال فيه: عن عرورة عن عائشة إلخ. وهو خطأ شنيع لما فيه من الفصل بين الفعل والفاعل، ويصير الفاعل محذوفًا ووقع هنا في هذا اللفظ اختلاف بين العلماء أعرضت عن ذكره.

وقوله: "وعن عروة" أن عائشة رضي الله تعالى عنها أخبرته إلخ. هذا أخرجه مسلم من

<<  <  ج: ص:  >  >>