للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى عياض عن الأصيلي قال: لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح، وقد قال عياض: قال النسائي: لا أعلم أسنده عن الزهري غير معمر، وتعقبه النووي بأن الذي قاله غلط فاحش، لأن الحديث مشهور صحيح من طرق متعددة، وقول النسائي لا يلزم منه تضعيف طريق الزهري التي تفرد بها، فضلًا عن بقية الطرق لأن معمرًا ثقة حافظ فلا يضره التفرد، كيف وقد وجد لما رواه شواهد كثيرة.

والذي تحصل من الاشتراط في الحج والعمرة أقول:

أحدها: مشروعيته، ثم اختلف من قال به، فقيل: واجب لظاهر الأمر، وهو قول الظاهرية، وقيل مستحب وهو قول أحمد، وغلط من حكى عنه إنكاره، وقد مرَّ ما قاله فيه مالك وأبو حنيفة، وقيل: جائز، وهو المشهور عند الشافعية، وقطع به الشيخ أبو حامد، والحق أن الشافعي نص عليه في القديم، وعلق القول بصحته في الجديد فصار الصحيح عنه القول به، وبذلك جزم الترمذي عنه، وهو أحد المواضع التي علق القول بها على صحة الحديث، وقيس عند الشافعية بالحج العمرة، وتحرير مذهبهم هو أنه إذا شرط التحلل بلا هدي لم يلزمه هدي عملًا بشرطه، وكذا لو أطلق لعدم الشرط، ولظاهر حديث ضباعة فالتحلل فيهما يكون بالنية فقط، فإن شرطه بهدي لزمه عملًا بثرطه، ولو قال: إن مرضت فأنا حلال، فمرض صار حلالًا بالمرض من غير نية، وعليه حملوا حديث: "من كسر أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل" وقد مرَّ الحديث في الباب الذي قبله، وإن شرط قلب الحج عمرة بالمرض أو نحوه جاز، كما لو اشترط التحلل به، بل أولى، ولقول عمر لأبي أمية سويد بن غفلة: حج واشترط وقيل: اللهم الحج أردت، وله عمدت فإن تيسر وإلاَّ فعمرة، رواه البيهقي بإسناد حسن، ولقول عائشة لعروة: هل تستثني إذا حججت؟ فقال: ماذا أقول؟ قالت: قل: اللهم الحج أردت، وله عمدت فإن يسرته فهو الحج، وإن حبسني حابس فهو عمرة، رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح على شرط الشيخين، فله في ذلك إذا وجد العذر أن يقلب حجة عمرة، وتجزئه عن عمرة الإِسلام، ولو شرط أن يقلب حجه عمرة عند العذر انقلب حجه عمرة، وأجزأته عن عمرة الإِسلام، كما صرح به البلقيني بخلاف عمرة التحلل في الإحصار لا تجزيء عن عمرة الإِسلام لأنها في الحقيقة ليست عمرة، وإنما هي أعمال عمرة.

[رجاله أربعة]

مرَّ محلهم في الذي قبله إلاَّ معمر، وقد مرَّ في متابعة بعد الرابع من بدىء الوحي.

ثم قال المصنف:

<<  <  ج: ص:  >  >>