للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروضة وزاد: إنها كراهة تنزيه، وذهب الجمهور كما تقدم إلى إلحاق غير الخمس بها في هذا الحكم إلا أنهم اختلفوا في المعنى، فقيل: لكونها مؤذية، فيجوز قتل كل مؤذ وهذا قضية مذهب مالك، وقيل: لكونها مما لا يؤكل، فعلى هذا كل ما يجوز قتله لا فدية على المحرم فيه، وهذا قضية مذهب الشافعي، وقد قسم هو وأصحابه الحيوان بالنسبة للمحرم إلى ثلاثة أقسام.

قسم يستحب: كالخمس وما في معناها مما يؤذي.

وقسم يجوز: كسائر ما لا يؤكل لحمه، وهو قسمان ما يحصل منه ضرر ونفع فيباح لما فيه من منفعة الاصطياد، ولا يكره لما فيه من العدوان، وقسم ليس فيه ضرر ولا نفع فيكره قتله ولا يحرم.

والقسم الثالث: ما أبيح أكله أو نهي عن قتله، فلا يجوز ففيه الجزاء إذا قتله المحرم، وخالف الحنفية، فاقتصروا على الخمس، إلاَّ أنهم ألحقوا بها الحية لثبوت الخبر، والذيب لمشاركته للكلب في الكلبية، وألحقوا بذلك من ابتدأ بالعدوان والأذى من غيرها، وتعقب بظهور المعنى في الخمس وهو الأذى الطبيعي، والعدوان المركب، والمعنى إذا ظهر في المنصوص عليه تعدى الحكم إلى كل ما وجد فيه ذلك المعنى، كما وافقوا عليه في مسائل الربا، قال ابن دقيق العيد: والتعدية بمعنى الأذى إلى كل مؤذ قوي، بالإضافة إلى تصرف أهل القياس فإنه ظاهر من جهة الإيماء بالتعليل بالفسق، وهو الخروج عن الحدّ، وأما التعليل بحرمة الأكل ففيه إبطال لما دل عليه إيماء النص من التعليل بالفسق، وقال غيره: هو راجع إلى تفسير الفسق، فمن فسره بأنه الخروج عن بقية الحيوان بالأذى علل به، ومن قال بجواز القتل وتحريم الأكل علل به، وقال من علل بالأذى: أنواع الأذى مختلفة، وكأنه نبه بالعقرب على ما يشاركها في الأذى باللسع، ونحوه من ذوات السموم: كالحية والزنبور، وبالفأرة على ما يشاركها في الأذى بالنقب والقرض: كابن عرس، وبالغراب والحدأة على ما يشاركها بالاختطاف: كالصقر، وبالكلب العقور على ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر: كالأسد والفهد، وقال من علل بتحريم الأكل وجواز القتل: إنما اقتصر على الخمس، لكثرة ملابستها للناس بحيث يعم أذاها، والتخصيص بالغلبة لا مفهوم له، ونقل الرافعي عن الإِمام أن هذه الفواسق لا ملك فيها لأحد، ولا اختصاص، ولا يجب ردها على صاحبها، ولم يذكر مثل ذلك في غير الخمس مما يلتحق بها في المعنى.

[رجاله ستة]

مرَّ منهم: محل ابن وهب ويونس والزهري في الذي قبله، ومرَّ عروة وعائشة في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ يحى بن سليمان في الخامس والخمسين من العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>