للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم، ومرَّ استيفاء الكلام عليه هناك غاية الاستيفاء، وأخرجه أيضًا في باب ما لا يلبس المحرم من الثياب، وزاد فيه هنا: "ولا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين"، وذكر هنا الاختلاف في رفع هذه الزيادة ووقفها كما يأتي مبينا في المتابعات التي بعد الحديث، والقفاز -بضم القاف وتشديد الفاء وبعد الألف زاي-: ما تلبسه المرأة في يدها فيغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء كغزل ونحوه، وهو لليد كالخف للرجل، والنقاب الخمار الذي يشد على الأنف وتحت المحاجر، فإن قرب من العين حتى لا تبدو أجفانها فهو الوصواص -بفتح الواو وسكون الصاد المهملة الأولى- فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفام بكسر اللام وبالفاء، فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام.

وقوله: "ولا تنتقب" هو بنون ساكنة بعد تاء المضارعة وكسر القاف، وجزم الفعل على النهي، وبالكسر لالتقاء الساكنين، ويجوز رفعه على أنه خبر عن حكم الله؛ لأنه جواب عن السؤال عن ذلك، وللكشميهني: ولا تتنقب بمثناتين فوقيتين مفتوحتين كالقاف مثلها لكونه في معنى الخف فإن كلًّا منهما محيط بجزء من البدن، وأما النقاب فلا يحرم على الرجل من جهة الإحرام؛ لأنه لا تحرم عليه تغطية وجهه على الراجح، فيباح للمرأة ستر جميع بدنها، بكل ساتر مخيطًا كان أو غيره، إلاَّ وجهها، فإنه حرام، وكذا ستر الكفين بقفازين أو أحدهما بأحدهما؛ لأن القفازين ملبوس عضو ليس بعورة فأشبه خف الرجل، ويجوز سترهما بغيرهما، ككم وخرقة لفتها عليها للحاجة إليه ومشقة الاحتراز عنه، نعم يعفى عما تستره من الوجه احتياطًا للرأس، إذ لا يمكن استيعاب ستره إلاَّ بستر قدر يسير مما يليه من الوجه، والمحافظة على ستره بكماله لكونه عورة أولى من المحافظة على كشف ذلك القدر من الوجه، ويؤخذ من هذا التعليل أن الأمة لا تستر ذلك لأن رأسها ليس بعورة لكن قال في "المجموع": ما ذكر في إحرام المرأة ولبسها لم يفرقوا فيه بين الحرة والأمة، وهو المذهب، وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبًا متجافيا عنه بخشبة أو نحوها، فإن أصاب الثوب وجهها بلا اختيار فرفعته فورًا فلا فدية، وإلاَّ وجبت مع الإثم، وقد مرَّ كثير من مباحث تلثم المرأة وتبرقعها في باب ما يلبس المحرم من الثياب.

[رجاله أربعة]

وفيه لفظ رجل مبهم لم يسم، مرَّ منهم: الليث في الثالث من بدء الوحي، ومرَّ نافع في الأخير من العلم، ومرَّ ابن عمر في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه، ومرَّ عبد الله بن يزيد في الثالث والعشرين من الأذان.

ثم قال: تابعه موسى بن عقبة، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، وجويرية، وابن إسحاق في النقاب والقفازين، أما متابعة موسى بن عقبة فقد وصلها النسائي، ومتابعة إسماعيل بن إبراهيم فقد وصلها عليَّ بن محمد المصري في "فوائده"، وأما متابعة جويرية فقد وصلها أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>