للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "عن أبيه" هذه رواية أكثر أصحاب الأعمش عنه، وخالفهم شعبة؛ فرواه عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد، عن علي أخرجه أحمد والنسائي، قال الدارقطني في العلل: الصواب رواية الثوري ومن تبعه.

وقوله: "ما عندنا شيء" أي: مكتوب، وإلا فكان عندهم أشياء من السنة سوى الكتاب، أو المنفي شيء اختصوا به عن الناس، وسبب قول عليّ هذا، ما أخرجه أحمد عن أبي حسان الأعرج أن عليًا رضي الله تعالى عنه كان يأمر بالأمر، فيقال له: فعلناه، فيقول: صدق الله ورسوله فقال له: الأشتر إن هذا الذي تقول أهو شيء عهده إليك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: ما عهد إليّ شيئًا خاصة دون الناس، إلا شيئًا سمعته منه، فهو في صحيفة في قراب سيفي، فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة، فإذا فيها ... فذكر الحديث، وزاد فيه: المؤمنون تتكافؤ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، وقال فيه: إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين حرتيها وسماها كله، لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها، ولا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف الرجل بعيره، ولا يحمل فيها السلاح لقتال، والباقي نحوه، وأخرجه الدارقطني من وجه آخر عن أبي حسان عن الأشتر عن علي، لأحمد وأبي داود والنسائي عن قيس بن عاد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي فقلنا: هل عهد إليك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما في كتابي هذا، قال: وكتاب في قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تتكافؤ ... فذكر مثل ما تقدم إلى قوله: في عهده من أحدث حديثًا إلى قوله: أجمعين، ولم يذكر بقية الحديث ولمسلم عن أبي الطفيل: كنت عند علي فأتاه رجل فقال: ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُسِرُّ إليك؟ فغضب، ثم قال: ما كان يسر إلى شيئًا يكتمه عن الناس، غير أنه حدثني بكلمات أربع، وفي رواية له: ما خصنا بشيء لم يعم به الناس كافة، إلا ما كان في قراب سيفي، فأخرج صحيفة مكتوبًا فيها: لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثًا، وقد تقدم في كتاب العلم عن أبي جحيفة: قلت: لعلي هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة، قال: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر، والجمع بين هذه الأخبار أن الصحيفة المذكورة كانت مشتملة على مجموع ما ذكر، فنقل كل راو بعضها، وأتمُّها سياقا طريق أبي حسان كما رأيت، وتقدم عند حديث أبي جحيفة استيفاء الكلام على القصاص من المسلم للكافر.

وقوله: "المدينة حرم" كذا أورده مختصرًا، وسيأتي في الجزية بزيادة في أوله: قال فيها: الجراحات، وأسنان الإبل.

وقوله: "من أحدث فيها حديثًا" يقيد به مطلق ما تقدم في رواية قيس بن عباد، وأن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>