للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضرب بعصا، فإذا هو قائم، فيقول: أنا الله الذي أميت وأحيي قال: وذلك كله سحر، سحر أعين الناس، ليس يعمل من ذلك شيئًا" وهو سند ضعيف جدًا، وفي رواية أبي يعلى من الزيادة: "قال أبو سعيد: كنا نرى ذلك الرجل عمر بن الخطاب لما نعلم من قوته وجلده"، وفي "صحيح مسلم" عقب رواية عبيد الله بن عتبة، قال أبو إسحاق يقال: إن هذا الرجل هو الخضر كذا، أطلق فظن القرطبي أن أبا إسحاق المذكور هو السبيعي أحد الثقات من التابعين، ولم يصب في ظنه؛ فإن السند المذكور لم يجر لأبي إسحاق فيه ذكر؛ وإنما أبو إسحاق الذي قال ذلك هو: إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد، راوي "صحيح مسلم" عنه كما جزم به عياض، والنووي وغيرهما، وقد ذكر ذلك القرطبي في "تذكرته" أيضًا قبل فكأن قوله في الموضع الثاني: السبيعي؛ سبق قلم، ولعل مستنده في ذلك ما قاله معمر في جامعه بعد ذكر هذا الحديث، قال معمر: بلغني أن الذي يقتله الدجال الخضر، وكذا أخرجه ابن حبان، عن عبد الرزاق، عن معمر قال: كانوا يرون أنه الخضر، وقال ابن العربي: سمعت من يقول: إن الذي يقتله الدجال، هو الخضر، وهذه دعوى لا برهان لها، وقد تمسك من قاله بما أخرجه ابن حبان في "صحيحه" عن أبي عبيدة بن الجراح رفعه في ذكر الدجال: لعله يدركه بعض من رآني، أو سمع كلامي" الحديث، ويعكر عليه قوله في رواية لمسلم، - تقدم التنبيه عليها-: شاب ممتلىء شبابًا" ويمكن أن يجاب بأن من جملة خصائص الخضر أن لا يزال شابًا، ويحتاج إلى دليل، قلت: دليله ظاهر فإن الخضر لو كان يهرم كغيره من الأدميين، يكون داخلًا في قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} فيكون من مدة طويلة، رجع إلى غاية من الضعف لا حركة لها، فالذي يظهر أنه ممتع بشبابه وصحته.

ثم أعلم أني ذكرت لك عند أول شرح هذا الحديث أني سأذكر لك ما في بعض روايات حديث أبي سعيد هذا، مما مع الدجال من الجنة والنار، وغير ذلك، ومن صفته فأقول: اعلم أن البخاري أخرج في الفتن، عن حذيفة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الدجال: "إن معه ماء" ونارًا؛ فنارُه ماءٌ باردٌ، وماؤه نارٌ" وعند مسلم عن ربعي: اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة: لأنا بما مع الدجال أعلم منه، وفي رواية عن ربعي أيضًا، عن حذيفة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لأنا أعلم مما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين: ماء أبيض، والآخر رأي العين: نار تأجج" وفي رواية شعيب بن صفوان: "فأما الذي يراه الناس ماء فنارٌ محرق، وأما الذي يراه الناس نارًا فماءٌ باردٌ" الحديث، وفي حديث سفينة عند أحمد والطبراني: "معه واديان، أحدهما: جنة، والآخر: نار، فناره جنة، وجنته نار"، وفي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه: "وإن من فتنته أن معه جنةً ونارًا فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله، وليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه بردًا وسلامًا.

وقوله: "ماؤه نار" زاد محمد بن جعفر في روايته: "فلا تهلكوا" وفي رواية أبي مالك:

<<  <  ج: ص:  >  >>