للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الآخر فقال: هذا لا يضاد خبر أبي مسعود بل معناه أنه أهون على الله من أن يكون نهر ماء يجري فإن الذي معه يرى أنه ماء وليس بماء.

وقوله: في حديث المغيرة أنهم يقولون: "الضمير للناس أو لأهل الكتاب".

وقوله: "معه جبل خبز" بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها زاي، المراد به أن معه من الخبز قدر الجبل وأطلق الخبز وأراد به أصله، وهو القمح مثلًا، زاد في رواية هشيم عند مسلم معه جبال من خبز، ولحم، ونهر من ماء، وفي رواية إبراهيم بن حميد أن معه الطعام، والأنهار، وفي رواية يزيد بن هارون أن معه الطعام والشراب، وأما وصفه فقد أخرج البخاري، عن عبد الله بن عمر قال: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: "إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه ولكني سأقول، لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه، إنه أعور وإن الله ليس بأعور".

وقوله: "وما من نبي إلا وقد انذره قومه"، زاد في رواية معمر لقد أنذره، نوح قومه، وفي حديث أبي عبيدة بن الجراح عند أبي داود والترمذي وحسنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال، وعند أحمد لقد أندره نوح أمته والنبيئون من بعده، أخرجه من وجه آخر عن ابن عمر وقد استشكل إنذار نوح قومه بالدجال، مع أن الأحاديث قد ثبتت أنه يخرج بعد أمور ذكرت، وأن عيسى يقتله بعد أن ينزل من السماء فيحكم بالشريعة المحمدية، والجواب أنه كان وقت خروجه أخفى على نوح ومن بعده فكأنهم أنذروا به، ولم يذكر لهم وقت خروجه، فحذروا قومهم من فتنته ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام في بعض طرقه "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه"، فإنه محمول على أن ذلك كان قبل أن يتبين له وقت خروجه، وعلاماته فكان يجوز أن يخرج في حياته عليه الصلاة والسلام، ثم بين له بعد ذلك حاله، ووقت خروجه فأخبر به فبذلك تجتمع الأخبار، قال ابن العربي إنذار الأنبياء أممهم بأمر الدجال تحذير من الفتن وطمأنينة لها حتى يزعزعها عن حسن الاعتقاد، وكذلك تقريب النبي -صلى الله عليه وسلم- له زيادة في التحذير، وأشار مع ذلك إلى أنهم إذا كانوا على الإيمان ثابتين دفعوا الشبه باليقين.

وقوله: "لم يقله نبي لقومه" قيل: إن السر في اختصاص النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتنبيه المذكور مع أنه أوضح الأدلة في تكذيب الدجال، أن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها من الأمم المتقدمة، ودل الخبر على أن علم كونه يختص خروجه بهذه الأمة كان طوي عن غير هذه الأمة. كما طوي عن الجميع علم وقت قيام الساعة.

وقوله: "إنه أعور وإن الله ليس بأعور" إنما اقتصر على ذلك مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة. لكون العور أثر محسوس يدركه العالم والعامي، ومن لا يهتدي إلى الأدلة

<<  <  ج: ص:  >  >>