للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامر؟ فقال:

لقد وجت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه

كل امرىء مجاهد بطوقه ... كالثور يحمي جسمه بروقه

وقالت في آخره: فقلت: يا رسول الله! إنهم يهذون، وما يعقلون من شدة الحمى؟ الزيادة في قول عامر بن فهيرة، رواها مالك أيضًا في الموطأ عن يحيى بن سعيد، عن عائشة، منقطعًا، وقد جاء في حديث البراء أن عائشة وعكت أيضًا، وكان أبو بكر يدخل عليها، وكان وصول عائشة إلى المدينة مع آل أبي بكر، هاجر بهم أخوها عبد الله، وخرج زيد بن حارثة، وأبو رافع ببنتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بن زيد وأمه أم أيمن، وسودة بنت زمعة وكانت رقية بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- سبقت مع زوجها عثمان، وأخرت زينب وهي الكبرى عند زوجها أبي العاص بن الربيع.

وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم.

فضل أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وبيان ذلك هو أن الله تعالى لما ابتلى نبيه عليه الصلاة والسلام بالهجرة، وفراق الوطن ابتلى أصحابه بالأمراض، فتكلم كل إنسان بما فيه، فأما أبو بكر فتكلم بأن الموت شامل للخلق في المساء والصباح، وأما بلال فتمنى الرجوع إلى وطنه، فانظر إلى فضل أبي بكر على غيره.

وفيه، في دعائه عليه الصلاة والسلام بأن يحبب الله لهم المدينة حجة واضحة علي أفضلية المدينة على مكة، لأن قوله: "أو أشد" تحصل به زيادة محبته عليه الصلاة والسلام للمدينة، ومحبته متابعة لمحبة الله تعالى.

وفيه حجة على من كذّب بالقدر؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ هو المالك للنفوس، يحبب إليها ما شاء، ويبغض إليها ما شاء، فأجاب الله دعوة نبيه عليه الصلاة والسلام فأحبوا المدينة حبًا دام في نفوسهم إلى أن ماتوا عليه.

وفيه رد على الصوفية إذ قالوا إن الولي لا تتم له الولاية إلا إذا تم له الرضا بجميع ما نزل به، ولا يدعو الله في كشف ذلك عنه، فإن دعا فليس في الولاية كاملًا.

وفيه حجة على بعض المعتزلة القائلين بأن لا فائدة في الدعاء مع سابق القدر، والمذهب أن الدعاء عبادة مستقلة، ولا يستجاب منه إلا ما سبق به التقدير، وفيه جواز هذا النوع من الغناء، وفيه مذاهب فذهب أبو حنيفة، ومالك وأحمد والثوري، وجماعة من الكوفة إلى تحريم الغناء، وذهب آخرون إلى كراهته نقل ذلك عن ابن عباس، ونص عليه الشافعي وجماعة من أصحابه، وحكي ذلك عن مالك وأحمد، وذهب آخرون إلى إباحته لكن بغير هذه الهيئة التي

<<  <  ج: ص:  >  >>