للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمولده، ويبذُلُ ما تصل إليه قدرته في محبته، عليه الصلاة والسلام، لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم.

قلت: ولأجل هذا المعنى ما زال المسلمون يُعظِّمون المولد الشريف، جاعلين له عيدًا أعظم من كل عيد، وهو حقيقٌ بذلك وجدير.

وأرضعت ثويبة معه - صلى الله عليه وسلم - حمزة بن عبد المطلب، وأبا سلمة بن عبد الأسد، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُكرمها، وكانت تدخل عليه بعد أن تزوج خديجة، فكانت خديجة تُكرمها، وكان يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة إلى أن ماتت بعد فتح خيبر فبلغته - صلى الله عليه وسلم - وفاتها؛ فسأل عن ولدها مسروح الذي أرضعته بلبنه، فقيل له: قد مات، ثم سأل عن قرابتها، فقيل له: لم يبق منهم أحد. ثم بعد ثويبة كان استرضاعه في بني سعد بن بكر، أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية وما رأته حليمة من الخوارق من يوم أرضعته شهير كثير جدًا، من دَرٍّ شارفها، ونطق أتانها، وخِصب غنمها، وكثرة لبنها، وغير ذلك مما لا يُحصى، وكانت تقول في ترقيصها له عليه الصلاة والسلام.

يا ربِّ إذ أعطيتَه فأبْقِهِ

وأَعْلِهِ إلى العُلى وأَرقِهِ

وادْحَضْ أباطيلَ العِدا بِحَقِّه

وكانت الشيماء أخته من الرضاعة تقول.

هذا أخٌ لي لَمْ تَلِدْه أُمِّي ... ولَيس مِنْ نَسلِ أبي وعمِّي

فديته مِنْ مخولٍ مُعِمِّ ... فأَنْمِهِ الَّلهُمَّ فِيما تَنْمي

[رد حليمة له إلى أمه صلى الله عليه وسلم]

وأخبار إرضاع حليمة له شهيرة، ثم ردته حليمة إلى أمه بعد خمس سنين ويومين من مولده، وذلك سنة ست من عام الفيل. ولما بلغ ستَّ سنين خرجت به أمه إلى أخواله بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>