للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى كأنها عليهِ كاللِّباسِ الذي يلبسُه، فكما يظهر أثرُ لباسهِ عليه، يظهرُ عليه أثرُ التقوى بعمل الطَّاعات واجتنابِ المنهيَّاتِ، وما يلحقُ ذلكَ من حُسنِ السَّمتِ والحياءِ وغيرِها من أخلاقِ الإيمانِ.

* وقال مقاتلٌ (ت:١٥٠): «تفسيرُ الحِسَّ على أربعةِ أوجهٍ:

فوجهٌ منها: أَحَسَّ؛ يعني: رَأَى، فذلك قولُه في آل عمرانَ: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: ٥٢]، كقولِه في الأنبياء: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَاسَنَا} [الأنبياء: ١٢] يقولُ: فلمَّا رَأَوا عذابَنا، وكقولِه في مريم: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: ٩٨]، يقول: هلْ تَرَى مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ؟

والوجه الثَّاني: الْحَسُّ؛ يعني: القَتْلَ، فذلك قولُه في آلِ عمرانَ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: ١٥٢]؛ يعني: إذ تقتلونهم.

والوجه الثَّالث: الحس؛ يعني: البَحْثَ، فذلك قولُه في يوسفَ: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف: ٨٧].

والوجه الرابع: الحسُّ؛ يعني: الصَّوتَ، فذلك قولُه في الأنبياء: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا}؛ يعني: صوتَها، {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: ١٠٢]» (١).

تحليل هذه الوجوه:

مادةُ «حَسَّ» ترجعُ إلى أصلينِ لُغويَّين، كما قاله ابن فارسٍ (ت:٣٩٥):


(١) الأشباه والنظائر، لمقاتل (ص:١٨٨ - ١٨٩). وينظر: الوجوه والنظائر، لهارون الأعور (ص:١٢٢). ثمَّ ينظر أمثلة أخرى للوجوه، مثل: كلمة (سواء) في الأشباه والنظائر، لمقاتل (ص:٩٩)، والوجوه والنظائر، لهارون (ص:٣٦)، والتصاريف، لابن سلام: (ص:١١١). وكلمة (السعي) في الأشباه والنظائر، لمقاتل (ص:١٢٣)، والوجوه والنظائر، لهارون (١٠٦)، والتصاريف، ليحيى بن سلام (ص:٣٠٩).

<<  <   >  >>