للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونسيتُ الحديثَ نسياناً، ويقال: أَنْسَيْتُ إنساءً، ونَسِيتُ أجْوَدُ، قال الله تعالى: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: ٦٣] ولم يقل: أنسيت، ومعنى أنسيت: أخرت» (١).

٣ - وقال: «والهَجْرُ والهِجْران: تركُ ما يلزمك تعهُّدُه، ومنه اشتُقَّتْ هجرةُ المهاجرين؛ لأنهم هجروا عشائرهم فتقطَّعُوهم في الله، قال الشاعر (٢):

وأُكثِرُ هَجْرَ البَيتِ حَتى كأنَّنِي

مَلَلْتُ، وما بي من مَلاَلٍ ولا هَجْر

وقال تعالى: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: ٣٠]؛ أي: يهجرونني وإيَّاه.

وقال تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: ٦٧]؛ أي: تهجرون محمداً صلّى الله عليه وسلّم.

ومن قرأ {تُهجِرونَ} (٣)؛ أي: تقولون الهُجْرَ؛ أي: قولَ الخَنَا والإفحاشِ في المنطقِ، تقولُ: أَهْجُرُهُ إهْجَاراً، قال الشَّمَّاخُ (٤):

كمَاجِدَةِ الأعْرَاقِ قَالَ ابنُ ضَرَّةٍ

عَلَيْهَا كَلاَماً جَارَ فيه وأَهْجَرَا

والهَجْرُ: هذيانُ المُبَرْسَمِ (٥) ودأبُه وشأنُه، ويقال: منه {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: ٧٦]؛ أي: تَهْذُونَ في النَّومِ.


(١) العين: (٧:٣٠٤).
(٢) لم أجده في غير العين، وكذا قال محققو كتاب العين (٣:٣٨٧).
(٣) ينظر وجوه تفسير هذه القراءات في: القراءات وعلل النحويين فيها، للأزهري، تحقيق: نوال الحلوة (٢:٤٣٧)، وإعراب القراءات السبع وعللها، لابن خالويه، تحقيق: د. عبد الرحمن العثيمين (٢:٩٢ - ٩٣)، والحجة للقراءات السبع، لأبي علي الفارسي، تحقيق: بدر الدين قهوجي وغيره (٥:٢٩٨).
(٤) ينظر البيت في ديوان الشمَّاخ (ص:١٣٥)، وأوله «مُمَجَّدَةِ».
(٥) جاء في تاج العروس، مادة (برسم): «البِرْسَامُ ـ بالكسر ـ: عِلَّةٌ يُهذَى فيها ـ نعوذ بالله منها ـ، وهو وَرَمٌ حارٌّ يعرِض للحجاب الذي بين الكبد والأمعاء، ثمَّ يتَّصِلُ إلى الدِّمَاغِ. وقد بُرْسِمَ الرجلُ، فهو مُبَرْسَمٌ».

<<  <   >  >>