للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - وقال ابن قتيبة (ت:٢٧٦): «... وتبينَ له ـ أيضاً ـ أنَّ أفعالَ المجازِ لا تَخْرُجُ منها المصادرُ ولا تؤكَّدُ بالتَّكرارِ، فتقولُ: أرادَ الحائطُ أن يسقطَ، ولا تقولُ: أرادَ الحائطُ أن يسقطَ إرادةً شديدةً، واللهُ تعالى يقولُ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] فوكَّدَ بالمصدرِ معنى الكلامِ، ونفى عنه المجازَ.

وقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] فوكَّدَ القولَ بالتَّكرارِ، ووكَّد المعنى بإنما» (١).

ولو تُتُبِّعَتِ الأساليبُ العربيَّةُ التي نزلَ بها القرآنُ لشكَّلتْ بحثاً مستقلًّا، واللهُ الموفقُ.

وبعد، فهذه أظهرُ الموضوعات التي أبدعَها اللُّغويُّون في التَّفسيرِ زيادةً عن الَّذي جاءَ عنِ السَّلفِ رضي الله عنهم، أمَّا ما وردَ عن السَّلفِ من موضوعاتِ التفسيرِ اللُّغويِّ فهي متفاوتةٌ عند اللُّغويين، وهي كالآتي.

أوَّلاً: التَّفسيرُ على المعنى عند اللُّغويِّين:

أمَّا التَّفسيرُ على المعنى، فكان قليلاً عند اللُّغويِّينَ، وإنْ كانَ لا يمكنُ أنْ ينفكَّ عنه المفسِّرُ، ومن ذلكَ تفسيرُ أبي عُبَيدَةَ (ت:٢١٠) قولَ الله تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ٢٠٢]، قال: «هذا القرآنُ ما يُتْلَى عليكم، فلذلك ذَكَّره، والعربُ تفعلُ ذلكَ، قال (٢):

قَبَائلُنا سبعٌ وأنتم ثلاثةٌ،

ولَلسَّبعُ أَزْكَى من ثَلاثٍ وأكثرُ

ذكَّرَ «ثلاثة» ذهبَ به إلى «بطنٍ»، ثُمَّ أَنَّثَهُ لأنَّه ذهبَ به إلى «قبيلة».

ومجاز بصائر؛ أي: حُجَجٌ وبيانٌ وبرهانٌ» (٣).


(١) تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة (ص:١١١).
(٢) هو للقتال الكلابي، كما في ديوانه، تحقيق: إحسان عباس (ص:٥٠). وفيه: «خير» بدل: «أزكى».
(٣) مجاز القرآن، لأبي عبيدة (١:٢٣٧). وينظر: تفسير: وكَّلنا (ص:٢٠٠)، وتفسير: =

<<  <   >  >>