للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأبو عبيدة (ت:٢١٠) في هذا المثالِ تراه فسَّرَ المراد بالبصائرِ في الآيةِ، وهذا هو التَّفسيرُ على المعنى، ثمَّ ذكرَ وجهَ التَّذكيرِ فيه، ثمَّ ذكرَ التَّفسيرَ اللَّفظيَّ لبصائر.

ثانياً: علم الوجوه والنَّظائر عند اللُّغويِّين:

أمَّا علمُ الوجوهِ والنَّظائرِ، فلمْ أجدْ لأحدٍ من أهلِ اللُّغةِ كتاباً خاصًّا فيه، وقد خصَّ ابن قتيبة (ت:٢٧٦) هذا العلمَ بمبحثٍ من كتابه: «تأويل مشكل القرآن» تحتَ بابٍ بعنوانِ: (اللَّفظُ الواحدُ للمعاني المختلفةِ) (١)، ومن الأمثلةِ التي ذكرها في ذلك:

قال: «الحَرَجُ: أصلُه الضِّيقُ (٢).

ومن الضِّيقِ: الشَّكُّ؛ كقول الله تعالى: {فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} [الأعراف: ٢]؛ أي: شكٌّ؛ لأنَّ الشَّاكَّ في الشَّيءِ يضيقُ صدراً به.

ومنَ الحرجِ الإثمُ، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} [النور: ٦١]؛ أي: إثمٌ، {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: ٩١]؛ أي: إثمٌ.

وأمَّا الضِّيقُ بعينِه، فقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:


= إلى حين (ص:٢١٢)، والجزء الثاني: تفسير: العذاب (ص:٦٣)، وتفسير: ضللنا (ص:١٣١)، وتفسير: أوجس (ص:٢٢٧)، وتفسير: اسعوا (ص:٢٥٨)، وتفسير: الأبتر (ص:٣١٤).
(١) تأويل مشكل القرآن (ص:٤٤١ - ٥١٥). وقد نصَّ على عبارة الوجوه في كتابه في غريب القرآنِ، عند ذكر بعض الألفاظِ التي بيَّنتها في هذا المبحثِ، ومن ذلك قوله: «والبلاءُ يتصرَّفُ على وجوهٍ كما بيَّنتُها في كتابِ المشكل». تفسير غريبِ القرآنِ (ص:٤٨)، وهو في تأويلِ مشكلِ القرآن (ص:٤٦٩)، وينظر أمثلةً أخرى لورودِ مصطلح الوجوه في تفسير غريب القرآن: (ص:٥٠، ٦٢، ٦٦، ٧١، ٩١، ١٠١، ١٠٣)، وغيرها.
(٢) مما تميَّز به طرحُ ابن قتيبةَ للوجوه القرآنيةِ أنه يذكر أصلَ المعنى في اللغةِ، وهذا ما لا تجده في كتبِ أتباع التابعينَ في الوجوه والنظائرِ، واللهُ أعلم.

<<  <   >  >>