للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - قالَ في قولِه تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [سبأ: ٢]: «يقولُ تعالى ذِكرُه: يعلمُ ما يدخلُ في الأرضِ وما يغيبُ فيها من شيءٍ، منْ قولهم: وَلَجْتُ في كذا: إذا دخلتُ فيه، كما قال الشاعر (١):

رَأَيْتُ القَوَافِي يَتَّلِجْنَ مَوَالِجاً ... تَضَايَقُ عَنْهَا أَنْ تَوَلَّجَهَا الإبَرْ

يعني بقوله: «يَتَّلِجْنَ مَوَالِجاً»: يدخلن مداخل» (٢).

٢ - وقال: «وقوله: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: ٥٩]، يقول تعالى ذِكرُه: فإنَّ للذينَ أشركُوا باللهِ منْ قريشٍ وغيرِهم ذَنُوباً، وهي الدَّلْوُ العظيمةُ، وهو السَّجْلُ أيضاً، إذا مُلئت أو قاربتْ الملء، وإنما يريدُ بالذَّنوبِ في هذا الموضعِ: الحَظَّ والنَّصيبَ، ومنه قول عَلْقَمَةَ بنِ عَبْدَةَ (٣):

وَفِي كُلِّ قَومٍ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمَةٍ، ... فَحُقَّ لِشَأسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ

أي: نصيب، وأصله ما ذكرتُ، ومنه قول الراجز (٤):

لَنَا ذَنُوبٌ وَلَكُمْ ذَنُوبُ

فَإنْ أَبَيتُمْ فَلَنَا القَلِيبُ


(١) البيت لطرفة بن العبد في ديوانه، تحقيق: رحاب عكاوي (ص:١٥٩).
(٢) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٢:٥٩).
(٣) علقمة بن عَبْدَة التميمي، المعروف بـ «علقمة الفحل»، شاعر جاهلي، اتصل بالغساسنة، توفي في نحو ٢٠ سنة قبل الهجرة، وقيل غيرها. ينظر: مقدمة ديوانه، للدكتور: حنا نصر (ص:٧ - ١٤)، ومعجم الشعراء (ص:١٦٩).
والبيت في ديوانه بشرح الأعلم الشَّنْتمري، تحقيق: حنَّا نصر (ص:٣١). ومعنى: خبطت بنعمة: أنعمت وتفضَّلت، وشأس: أخو علقمة، وكان قد أسِر، وهذا البيت في قصيدة يمدح فيها الحارث الغساني، ويطلب منه فكَّ أسرِ أخيه شأس.
(٤) الرجز غير منسوب في كتاب العين (٨:١٩٠)، ومعاني الفراء (٣:٩٠) وينظر: المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية (٩:١٠٦).

<<  <   >  >>