للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المنكرِ (١)، وأفعالِ العبادِ (٢)، وتأويلِ الشَّفاعةِ الواردةِ في أهلِ الكبائرِ (٣)، وحملِ صفاتِ اللهِ على المجازِ (٤)، وغيرِها من المباحثِ العقديَّةِ الاعتزاليَّةِ.

وسأذكر أمثلةً لأثرِ بعضِ هذه العقائدِ على التَّفسيرِ اللُّغويِّ عنده، واللهُ الموفِّقُ:

* في قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} [آل عمران: ١٠١]، قال: «ويقالُ: ما التَّعجُّبُ؟

الجوابُ: حدوثُ إدراكِ ما لم يكنْ يُقدَّرُ لِخَفاءِ سببِه، وخروجِه عن العادةِ في مثلِه، ولذا لمْ يَجُزْ في صفاتِ القديمِ (٥)، ولكنْ يجوزُ في صفتِه تعجيبُ العبادِ من بعضِ الأمورِ، وصيغتُه التي تدلُّ عليه في لغة العربِ: ما أفعلَهُ، وأفعِلْ به، إلاَّ أنَّه قد يجيءُ كلامٌ مُضمَّنٌ معنى التَّعجُّبِ، وإنْ لم يكنْ في الأصلِ له».

لقد أنكرَ الرُّمَّانيُّ (ت:٣٨٤) صفةَ العُجْبِ للهِ سبحانَه، وهي من الصِّفاتِ الاختياريَّةِ التي أخبرَ اللهُ عن نفسِه أنَّه يتَّصفُ بها، وأخبرَ بها عنه أعلمُ الخلقِ به محمد صلّى الله عليه وسلّم.

لذا فالصَّوابُ أنْ يُثبتَ معنى هذه الصِّفةِ للهِ على الحقيقةِ، ولكن يُعلمُ قطعاً أنَّ اتِّصافَ اللهِ بها غيرُ اتِّصافِ المخلوقينَ، أمَّا أنْ تُحملَ على هذا المجازِ الذي حملَه عليه، فلا يصحُّ، مع إمكانِ الحقيقةِ، واللهُ أعلمُ.


(١) ينظر تفسير الآيات (١٠٤، ١١٤).
(٢) ينظر تفسير الآيات (١٠٩، ١٤٧، ١٨٩)، وغيرها.
(٣) ينظر تفسير الآية (١٩٢).
(٤) ينظر تفسير الآيات (١١٥، ١٢٠)، وغيرها.
(٥) القديمُ: وصفٌ يُطلِقُه المتكلِّمونَ على اللهِ سبحانَه، ولم يردْ به النَّصُّ، وأولى منه وأكملُ اسمُ «الأوَّلِ» الواردِ في النُّصوصِ الشَّرعيَّةِ، وهم كما ترى يتركونَ ما وصفَ اللهُ به نفسهُ ويُحدثونَ له مثل هذا الوصفِ، ومثل وصفهم له بواجب الوجود، وغيرِها مما لم يردْ في الشَّرعِ، ولا يدلُّ على كمالٍ مطلقٍ.

<<  <   >  >>