للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدْ دلَّ الشَّاعرُ بقولِه: «نَشُورُهَا» على أنَّ المرادَ به العسلُ؛ لأنه هو الذي يُشَارُ، فكلمة «شَارَ» مختصَّةٌ بِجَنْيِ العسلِ.

وهذا من تغليطِ العربِ، وهو مذهبٌ لبعضِ اللُّغويِّين، وفي هذا المذهبِ نظرٌ ودراسةٌ ليسَ هذا محلُّها، وإنما المراد هنا ذكرُ ما ذهب إليه ابن عطيَّةَ (ت:٥٤٢) (١).

٢ - وما ذكره في قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: ١٤٧]، قال: «الخطابُ للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، والمرادُ أمته.

وامترى في الشَّيءِ إذا شكَّ فيه، ومنه المراء؛ لأنَّ هذا يشكُّ في قولِ هذا. وأنشدَ الطَّبريُّ (٢) شاهداً على أنَّ الممترينَ شاكُّونَ قولَ الأعشى (٣):

تَدُرُّ عَلَى أسْؤُقِ المُمْتَرِيـ ... ـنَ رَكْضاً إذا مَا السَّرَابُ ارْجَحَنْ

ووهِم في ذلك؛ لأنَّ أبا عبيدةَ وغيره قالوا: الممترين في البيت: هم الذينَ يَمْرُونَ الخيلَ بأرجلِهم هَمْزاً لتجري (٤)؛ كأنهم يحتلبون الجريَ منها، فليس في البيت معنًى من الشَّكِّ كما قال الطبريُّ» (٥).


(١) ينظر اعتراض القرطبي عليه في الجامع لأحكام القرآن (١:٤٠٧ - ٤٠٨).
(٢) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٣:١٩١).
(٣) ديوانه، تحقيق: حنا نصر الحتي (ص:٣٦٦). وقال في شرح البيت: «يغمز الفرسان الخيول بأرجلهم في شدة القيظ، فتهبُّ ركضاً إذا مال السراب واهتزَّ».
(٤) لم أجده في مجاز القرآن، وقد تتبعت هذا البيت في كتب اللغة، وكتب التفسير وغيرها مما تقدَّم على ابن عطية، فلم أجد من شرح هذا البيت، واللهُ أعلمُ.
وقد أشار إلى شرحه الطبرسي (٥٤٨، وقيل ٥٠٢) في كتابه مجمع البيان في تفسير القرآن (٢:٢١ - ٢٢)، حيث ذكر البيت، ثمَّ قال: «يعني الشَّاكينَ في درورها، لطول سيرها، وقيلَ: المستخرجينَ ما عندها ...».
(٥) المحرر الوجيز، ط: قطر (١:٢١ - ٢٢).

<<  <   >  >>