للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا القول يكون جواب «لو» محذوفاً، وهذا أسلوبٌ عربيٌّ شائعٌ، وقد ذكرَ له شواهدَ من الشِّعرِ، وإنما يختلف التَّفسيرُ هنا في أمرين:

الأوَّلُ: في زَعْمِ أنَّ الجوابِ متقدِّمٌ عليها، وهو قولُه: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَانِ} [الرعد: ٣٠] (١). وعلى هذا لا يكونُ في الآية حذفٌ.

الثاني: أنَّ الجوابَ محذوفٌ، واختُلِفَ في تقديرِه، ويُبنَى على هذا الاختلافِ اختلافُ التَّفسيرِ، ومن هذه التَّقديراتِ:

* ولو أنَّ قرآناً سُيِّرتْ به الجبالُ، أو قُطِّعَتْ به الأرضُ، أو كُلِّمَ به الموتى = لكانَ هذا القرآنُ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ اللُّغةِ (٢).

* ولو أنَّ قرآناً سُيِّرَتْ به الجبالُ، أو قُطِّعَتْ به الأرضُ، أو كُلِّمَ به الموتى = لما آمنوا (٣).

* ومنها ما قدَّره أبو عبيدةَ (ت:٢١٠). وظاهرٌ اختلافُ المعنى والتَّفسيرِ بسببِ الحذفِ هنا، واللهُ أعلم.

وظاهرةُ أساليبِ الخطابِ العربيِّ التي نزل بها القرآنُ مما يحتاجُ إلى دراسةٍ مستقلَّةٍ، وفيها معلوماتٌ كثيرةٌ، والله الموفِّقُ.

ثالثاً: تَوجِيهُ القِرَاءَاتِ:

وهو أحدُ الميادينِ التي وَلَجَهَا اللُّغويُّونَ لبيانِ ما في القراءاتِ واختلافِها منْ وجوهِ العربيَّةِ، وقد كانَ نصيبُ التَّوجيهِ فيما يخصُّ تَغيُّرَ المعنى في كتابِ المجازِ قليلاً قياساً على كثرتِها في غيره، ومنْ أمثلةِ ذلك:

١ - قال أبو عبيدة (ت:٢١٠): «{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: ٣٣] القافُ مكسورةٌ؛ لأنها منْ: وَقَرَتْ تَقِرُ، تقديرُه: وَزَنَتْ تَزِنُ، ومعناه: من الوَقَارِ.


(١) ينظر: معاني القرآن، للفراء (٢:٦٣).
(٢) معاني القرآن، للنحاس (٣:٤٩٦).
(٣) ينظر: معاني القرآن، للنحاس (٣:٤٩٦).

<<  <   >  >>