للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأحزاب: ١٩]، وفي آيةٍ أخرى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: ٢٥٥]؛ أي: لا يُثقلُهُ» (١).

وهذا المعنى الذي ذكرَه هو أحد قولي السَّلفِ في معنى الآية (٢)، والقول الآخر: أنها على بابها، والمعنى: الإعادة بعد البدءِ أهونُ عليه (٣)، كما هو في نظرِكم أنَّ الإعادة أهونُ من البدءِ، وهذا من بابِ قياسِ الأَولى.

٣ - في قول الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: ٩٩]، قال: «واحدتُها صورةٌ، خرجتْ مخرجَ سورةِ المدينةِ، والجميعُ: سورٌ، ومجازُهُ مجازُ المختصرِ المضمرِ فيه؛ أي: نُفِخَ فيها أرواحُها» (٤).

خالف أبو عبيدة (ت:٢١٠) في هذا التَّفسيرِ الوارد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في معنى الصُّورِ، ويحتملُ أنه كان يجهلُ هذا المعنى الشرعيَّ؛ لأنَّه لم يورده، فينكره، والله أعلم، وأيّاً ما كان الأمر، فإنَّ هذا التَّفسيرَ غيرُ مقبولٍ البتَّةَ، لكن المرادَ هنا أنه لا يمكنُ الجزمُ بأنَّ أبا عبيدةَ ينكرُ الصُّورَ الواردَ في الحديثِ، كما هو شأنُ بعضِ المعتزلةِ في الغيبيَّاتِ، ولكن الذي وقعَ أنَّهم وغيرهم ممن ينكره قد اعتمد على قول أبي عبيدة، وسيأتي الحديث عن ذلك لاحقاً (٥).


(١) مجاز القرآن (٢:١٢١ - ١٢٢).
(٢) ذكره ابن جرير عن ابن عباس من طريق العوفي، وعن الربيع بن خُثَيم. تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢١:٣٥ - ٣٦).
(٣) ذكره ابن جرير الطبري عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وعن مجاهد وعكرمة وقتادة. تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢١:٣٦). قال الشيخ ابن سعدي موضحاً هذا المعنى: «أي: إعادة الخلقِ بعدَ موتِهم أهون عليه من ابتداء خلقِهم، وهذا بالنسبةِ إلى الأذهانِ والعقولِ. فإذا كانَ قادراً على الابتداءِ الذي تُقرُّونَ به، كانت قدرته على الإعادةِ، التي هي أهون، أولى وأولى». تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: محمد النجار (٦:١٢٢).
(٤) مجاز القرآن (١:٤١٦)، وينظر: (١:١٩٦)، (٢:١٦٢ - ١٦٣).
(٥) ينظر: (ص:٦٦٥).

<<  <   >  >>