للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو سُرْيَانِيَّةٌ (١)، وذلكَ أنَّ أبا عبيدةَ زَعَمَ أنَّ العربَ (٢) لا تعرفُ الرَّبَّانِيِّينَ.

قالَ أبو عبيدٍ: وإنَّمَا عَرَفَها الفقهاءُ وأهلُ العِلْمِ» (٣).

يقصدُ أبو عبيدٍ (ت:٢٢٤) بالفقهاءِ وأهلِ العلمِ: أهلَ التفسيرِ مِنَ السَّلفِ، وقدْ وردَ عنهم تفسيرُ الرَّبَّانِيِّينَ بأنهم الحكماءُ العلماءُ، أو الفقهاءُ العلماءُ، أو الحكماءُ الفقهاءُ (٤). وتفسيرِ هؤلاءِ السَّلفِ يدلُّ على أنهم يعرفونَ هذه اللَّفظةَ، وأنهم فسَّروها بلغةِ العربِ، إذ لو كانتْ مِنَ المُعَرَّبِ لنَصَّ عليه أحدُهم، وهذا ما لم يردْ عنهم.

وليسَ لأبي عبيدٍ (ت:٢٢٤) في هذا التفسيرِ سوى الظَّنِّ اعتماداً على قولِ أبي عبيدةَ (ت:٢١٠) وليسَ هذا بكافٍ في إخراجِ لفظٍ منَ القرآنِ العربيِّ إلى لغةٍ غيرِها، ولو جعلَ أبو عبيدٍ (ت:٢٢٤) قولَ هؤلاء السَّلفِ حُجَّةً في العربيَّةِ، لما احتاجَ إلى هذا التَّخريجِ، ولقالَ: ما لم يَعرِفْهُ أبو عبيدةَ (ت:٢١٠) عَرَفَهُ غيرُه من السَّلفِ الذين لم يُشِيروا إلى أنَّ هذا اللفظَ أو تفسيرَه غيرُ عربيٍّ.

ثمَّ إنَّ اللَّفظَ جَارٍ في بنائه على لغةِ العرب، فقدْ جاءَ في تهذيبِ اللُّغةِ:


= الكتاب المقدس: ص:٥٨٨، ٥٩٦)، وذلك غير صحيحٍ؛ لأنَّه لو كان كذلك، لكان إسماعيل وبنوه عبرانيين، وتحقيق هذا المعنى لا يحتمله هذا الموضع، والله الموفق.
(١) السريانيَّةُ أحد اللغاتِ القديمة، وهي تنحدر من اللغة الآرامية، وقد تُرجِمَ بها كتابُ العهد القديم المعروف بالبشيطا (أي: البسيطة)، واعتمدها المسيحيون المجاورون للرَّهَا لغةً دينيةً.
ينظر: معجم الحضارات السامية (ص:٤٧٧).
(٢) إن كان أبو عبيدٍ يقصدُ بهم أهل اللغة، فصحيحٌ، وإن كان يقصدُ أهلَ اللسان ممن نزلَ عليهم القرآن من مسلمين وكفار، فقد ورد عنهم تفسير الربانييِّن، كما أنَّ هذا يخالف مذهب أبي عبيدة في عدم وجود المعرَّبِ في القرآنِ، ومن ثَمَّ لا يكون تفسير أبي عبيد لكلام أبي عبيدة صحيحاً، والله أعلم.
(٣) ينظر: المعرب، للجواليقي، تحقيق: أحمد شاكر (ص:١٦١)، وتهذيب اللغة (١٥:١٧٩).
(٤) ينظر تفسيراتهم في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٦:٥٤٠ - ٥٤٣).

<<  <   >  >>