للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ أبو بِشْرٍ (١): فقلتُ لسعيدِ بن جبيرٍ: فإنَّ ناساً يزعمونَ أنَّه نهرٌ في الجنَّةِ.

قالَ: فقال سعيد: النَّهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إيَّاه» (٢).

في هذا النَّصِّ يظهرُ أنَّ سعيداً (ت:٩٤) يُصحِّحُ قولَ منْ قالَ: الكوثرُ: نهرٌ في الجنَّةِ (٣)؛ لأنَّه مما تحتملُه الآيةُ، ولا يُضَادُّ ما قال ابنُ عباسٍ (ت:٦٨)؛ لأنَّ قولَه أعمُّ الأقوالِ، ويدخلُ فيه النَّهرُ وغيرُه من الخيرِ الذي أعطاهُ اللهُ لنبيِّه صلّى الله عليه وسلّم.

٢ - قال محمد بن نصر المروزيُّ (ت:٢٩٤) (٤): «وسمعتُ إسحاقَ (٥) يقولُ


(١) أبو بشر: جعفر بن إياس، ابن أبي وحشية، ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، توفي سنة (١٢٦) وقيل غيرها. ينظر: تهذيب الكمال (١:٤٥٤ - ٤٥٥).
(٢) ينظر: فتح الباري، ط: الريان (٨:٦٠٣)، وتفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠:٣٢١).
وفي رواية عنه: «قال هلال: سألت سعيد بن جبير: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قال أكثر الله له من الخير. قلت: نهر في الجنة. قال: نهر وغيره». (٣٠:٣٢٢).
(٣) ثبت هذا التفسير عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، كما رواه الإمام مسلم من حديث أنس، قال: «بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أظهرنا في المسجد، إذ أغفى إغفاءة، ثمَّ رفع رأسه مبتسماً، قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال أنزلت عليَّ آنفاً سورة، فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}. ثمَّ قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عزّ وجل عليه خير كثير».
صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي (١:٣٠٠، رقم الحديث: ٤٠٠)، وقد رواه غيره.
(٤) محمد بن نصر، أبو عبد الله المروزي، الإمام الفقيه، رحل في طلب العلم، واستوطن سمرقند، أخذ عن إسحاق بن راهويه وغيره، وأخذ عنه ابنه إسماعيل وغيره، توفي سنة (٢٩٤). تاريخ بغداد (٣:٣١٥ - ٣١٨)، سير أعلام النبلاء (١٤:٣٣ - ٤٠).
(٥) هو إسحاق بن راهويه المروزي، الحافظ المحدث، له كتاب التفسير، توفي سنة (٢٣٨). تاريخ بغداد (٦:٣٤٥ - ٣٥٥)، معجم المفسرين (١:٨٥ - ٨٦).

<<  <   >  >>