للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمورِ المشكلةِ في هذا المبحث أمرانِ:

الأول: هل يمكنُ معرفةُ التفسيرِ اللَّفظيِّ بواسطةِ التَّفسيرِ على المعنى؟

الثاني: كيف نُفرِّقُ بين التَّفسيرِ على اللَّفظِ والتَّفسيرِ على المعنى في بعضِ أنواعه؟

وقدْ تأمَّلتُ الأمثلةَ التي استخرجتها كثيراً، ونظرتُ فيها، فظهرَ لي صعوبةُ معرفةِ الدلالةِ اللُّغويَّةِ الخاصَّةِ للَّفظِ في كثيرٍ منَ الأمثلةِ، كما ظهرَ لي أنَّ الأمرَ يحتاجُ إلماماً بأصلِ المفردةِ ومعانيها في لغة العرب إذا كانتْ متعدِّدةَ الدلالةِ، وهذا يتحصَّلُ بجهدٍ.

وسأذكرُ مثالينِ في بيانِ هاتينِ المسألتينِ، الأول مشكلٌ والآخرُ متيسِّرٌ.

* المثالُ الأول:

في قوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: ٥] وردَ عن السَّلفِ ثلاثةُ أقوالٍ في معنى هذا الحشرِ:

القولُ الأولُ: جُمِعَتْ، وهو قول قتادةَ (ت:١١٧) (١)، والسُّدِّيِّ (ت:١٢٨) (٢).

القولُ الثاني: موتها، قال ابن عباس: (ت:٦٨): «حَشْرُ البهائمِ: موتُها، وحَشْرُ كلِّ شيءٍ: الموتُ، غير الجنِّ والإنسِ، فإنهما يوقفانِ يوم القيامةِ» (٣).

وقريبٌ منه قولُ الربيع بن خثيم، قال: «أتى عليها أمرُ الله» (٤).

القولُ الثالثُ: اختلطتْ، قاله أُبَيُّ بن كعبٍ الأنصاريُّ (ت: ٣٠) (٥).


(١) ينظر: تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠:٦٧)، وتفسير ابن كثير (٨:٣٣١).
(٢) ينظر: تفسير ابن كثير (٨:٣٣١)، وقد نسبه ابن كثير إلى الربيع بن خثيم، وعبارة الربيع كما في الطبري تناسب قول ابن عباسٍ كما سيأتي في القول الذي بعد هذا.
(٣) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠:٦٧).
(٤) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠:٦٧).
(٥) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠:٦٧).

<<  <   >  >>