للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ابنُ زيدٍ يقول في ذلك ما حدثني يونس (١)، قال: أخبرنا ابن وهب (٢)، قال: قال ابن زيد في قوله: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ}، قال: اجعلني أشكرْ نعمتَك. وهذا الذي قالَه ابنُ زيدٍ في قولِه: {رَبِّ أَوْزِعْنِي} وإنْ كانَ يَؤُولُ إليه معنى الكلمةِ، فليسَ بمعنى الإيزَاعِ على الصِّحَّةِ» (٣).

ولذا يحسنُ ذِكرُ المعنى اللغويِّ معَ تفسيرِ السَّلفِ ليزدادَ الوضوحُ في التفسيرِ، ولتُعْرَفَ العلاقةُ بين التَّفسيرِ على المعنى والتَّفسيرِ اللغويِّ.

وقدْ أشارَ الواحديُّ: (ت:٤٦٨) إلى ذلكَ فقالَ: «... وكذلك آياتُ القرآن التي فسَّرها الصحابةُ والتابعونَ، إنما فسَّروها بذكرِ المعنى المقصودِ؛ كقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ} [البقرة: ٥٠٦]، قال قتادة: إذا قيل له: مهلاً مهلاً، ازدادَ إقداماً على المعصيةِ (٤).

فمنْ أينَ لكَ أنْ تعرفَ هذا المعنى منْ لفظِ الآيةِ؟ إلاَّ بعد الجهدِ، وطولِ التفكُّرِ.

وكذلك قولُه: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران: ١٧٥]، قال السُّدِّيُّ: يُعظِّمُ أولياءه في صدوركم (٥).


(١) يونس بن عبد الأعلى، أبو موسى المصري، ثقة، روى عن سعيد بن منصور وسفيان بن عيينة وغيرهما، وعنه: مسلم والنسائي وغيرهما، توفي سنة (٢٦٤). يُنظر: تهذيب الكمال (٨:٢١١ - ٢١٢)، وتقريب التهذيب (ص:١٠٩٨).
(٢) عبد الله بن وهب بن مسلم، القرشي، مولاهم، أبو محمد المصري، الفقيه، ثقة حافظ عابد، روى عن أسامة بن زيد وعبد الرحمن بن زيد وغيرهما، وروى عنه: أحمد بن صالح وأصبغ بن الفرج وغيرهما، توفي سنة (١٩٧). يُنظر: تهذيب الكمال (٤:٣١٧ - ٣٢٠)، وتقريب التهذيب (ص:٥٥٦).
(٣) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٦:١٧).
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (١:٣١١)، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن (٣:١٩).
(٥) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٧:٤١٧).

<<  <   >  >>