للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ السُّدِّيُّ: المُراغَمُ: المُبتغي المعيشةَ (١).

قال القاضي أبو محمدٍ رحمه الله: وهذا كلُّه تفسيرٌ بالمعنى، فأما الخاصُّ باللَّفظَةِ، فإنَّ المراغم: موضعُ المراغمة وهو أن يُرغِمَ كلُّ واحدٍ من المتنازعين أنفَ صاحبه بأن يغلبَه على مراده، فكفارُ قريشٍ أرغموا أنوفَ المحبوسينَ بمكَّةَ، فلو هاجر منهم مهاجرٌ في أرض الله لأرغمَ أنوفَ قريشٍ بحصولِه في منعةِ منهم، فتلكَ المنعةُ هي موضعُ المراغمةِ ...» (٢).

٣ - في قولِه تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: ١٨٠]، قالَ ابنُ القَيِّمِ (ت:٧٥١): «ورُوِيَ عن ابن عباسٍ {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: ١٨٠]: يكذبونَ عليه (٣).

وهذا تفسيرٌ بالمعنى، وحقيقةُ الإلحادِ فيها: العدولُ بها عن الصَّوابِ فيها، وإدخالُ ما ليسَ من معانيها فيها، وإخراجُ حقائقِ معانيها عنها، هذه حقيقةُ الإلحاد، ومنْ فعل ذلك فقدْ كذبَ على الله.

ففسَّرَ ابنُ عباسٍ الإلحادَ بالكذبِ، وهو غايةُ الملحدِ في أسمائه تعالى، فإنه إذا أدخلَ في معانيها ما ليسَ منها، وخرج بها عن حقائقِها، أو بعضِها، فقدَ عدلَ بها عنِ الصَّوابِ والحقِّ، وهو حقيقةُ الإلحادِ ...» (٤).

٤ - في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا} [النبأ: ٢٧]، قال الطَّاهرُ بنُ عاشورَ (ت:١٣٩٣): «وقوله: {لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا} نفيٌ لرجائِهم وقوعَ الجزاءِ.

والرَّجاءُ اشتهرَ في ترقُّبِ الأمرِ المحبوبِ، والحسابُ ليسَ خيراً لهم حتى يُجْعَلَ نفيُ ترقُّبِهِ منْ قبيلِ نفيِ الرَّجاءَ ...


(١) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٩:١٢٠).
(٢) المحرر الوجيز، لابن عطية، ط: قطر (٤:١٩٤ - ١٩٥).
(٣) ينظر تفسير في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٣:٢٨٣).
(٤) بدائع التفسير (١:١٣٧).

<<  <   >  >>