للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولُ: الأصلُ الجامعُ لمعنى اللَّفظِ في لغةِ العربِ، ومعرفةُ علاقةِ هذه الوجوهِ بهذا الأصلِ (١).

الثاني: أنَّ بعضَ هذه الوجوهِ تكونُ دلالاتٍ لغويَّةً مباشرةً، وقد تتعدَّدُ الوجوهِ بتعدُّد هذه الدلالاتِ، والنَّظرُ في ذلكَ يرجعُ إلى استعمالِ العربِ حسبما قرَّرهُ أهلُ اللُّغةِ.

وإذا وُجِدَ في كُتبهم شيءٌ من الوجوهِ لا يوجدُ له دلالةٌ مباشرةٌ في كتبِ أهل اللُّغةِ، فإنَّ هذا لا يعني خروجَه عن اللُّغةِ (٢)، ولكنْ يُلْحَظُ أنَّهُ لا بدَّ من وجودِ ارتباطٍ بينه وبينَ أصلِ المعنى اللُّغويِّ.

وسأذكر من الأمثلةِ ما يوضِّحُ ذلكَ:

* قال مقاتل (ت:١٥٠): «تفسيرُ اللَّبسِ على أربعةِ وجوهٍ:

فوجهٌ منها: يلبسونَ؛ يعني: يخلِطونَ، فذلكَ قوله في البقرةِ: {وَلاَ تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ٤٢]؛ يعني: لا تخلِطوا. ونظيرها في آل عمرانَ: {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [آل عمران: ٧١]؛ يعني: لمَ تخلِطونَ، كقوله في الأنعامِ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢]؛ يعني: لم يخلِطوا الإيمانَ بالشِّرك.

والوجه الثاني: اللِّباسُ؛ يعني: سَكَنٌ (٣)، فذلك قوله في البقرة: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، يقول: نساؤكم سكنٌ لكم. {وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}؛ يعني: سكنٌ لهنَّ؛ كقولِه في الفرقانِ: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} [الفرقان: ٤٧]؛ يعني: سكناً، نظيرُها في عمَّ يتساءلونَ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: ١٠]؛ يعني: سكناً.


(١) سيأتي الحديث عن وجودِ هذه الفكرةِ عند ابن قتيبةَ.
(٢) سيأتي تحرير هذا المعنى في قاعدة: لا تعارض بين التفسير اللُّغوي والتفسير على المعنى.
(٣) في الوجوه والنظائر، لهارون الأعور (ص:٤٣): «السكن»، وكذا هي في التصاريف، ليحيى بن سلام (ص:١١٩).

<<  <   >  >>