للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودين الحق فقص جنس دعوة الأنبياء، ثم انتقل إلى خطاب بنى إسرائيل وقصة موسى معهم، وضمن ذلك تقرير نبوته؛ إذ هو قرين محمد صلّى الله عليه وسلّم، فذكر آدم الذي هو أول وموسى الذي هو نظيره، وهما اللذان احتجَّا، وموسى قتل نفساً فغُفِر له، وآدم أكل من الشجرة فتاب عليه.

وكان في قصة موسى ردٌّ على الصابئة ونحوهم ممن يُقِرُّ بجنس النبوات ولا يوجب اتباع ما جاءوا به، وقد يتأولون أخبار الأنبياء.

وفيها رد على أهل الكتاب بما تضمنه ذلك من الأمر بالإيمان بما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم، وتقرير نبوته، وذكر حال من عدل عن النبوة إلى السحر، وذكر النسخ الذي ينكره بعضهم، وذكر النصارى، وأن الأمتين لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم، كل هذا في تقرير أصول الدين من الوحدانية والرسالة ...» (١).

٢ - ذكر الشاطبي (ت٧٩٥هـ) في «الموافقات» مجمل موضوعات سورة البقرة، فقال: «ثم لما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة كان من أول ما نزل عليه سورة البقرة، وهي التي قررت قواعد التقوى المبنية على قواعد سورة الأنعام، فإنها بينت من أقسام أفعال المكلفين جملتها، وإن تبيَّن في غيرها تفاصيلُ لها؛ كالعبادات التي هي قواعد الإسلام، والعادات من أصل المأكول والمشروب وغيرهما، والمعاملات من البيوع، والأنكحة وما دار بها، والجنايات من أحكام الدماء وما يليها.

وأيضاً، فإن حفظ الدين فيها، وحفظ النفس والعقل والنسل والمال مضمن فيها، وما خرج عن المقرر فيها فبحكم التكميل، فغيرها من السور المدنية المتأخرة عنها مبني عليها كما كان غير الأنعام من المكي المتأخر عنها مبنياً عليها» (٢).


(١) ينظر: الفتاوى (١٤:٤١، وما بعدها).
(٢) الموافقات للشاطبي، تحقيق مشهور آل سلمان (٤:٢٥٧)، ويحسن الرجوع إلى هذه المسألة بكمالها، فقد اجتزأت منها ما يتعلق بالموضوع هنا، وهو يتحدث عن مسألة مهمة، وهي أن المدني من السور منَزَّل في الفهم على المكي.

<<  <   >  >>