للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلته:

تفسير الودود بالمحبوب من أوليائه.

فالودود: أي الواد لأوليائه؛ كالغفور بمعنى: الغافر. فهذا تفسير بالمطابقة ـ كما مرَّ ـ ويلزم منه محبة أوليائه له، وهذا تفسير باللازم (١).

ومن أمثلته ـ أيضاً ـ تفسيرهم قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: ٦٥] قيل: معناه تندمون، وهذا تفسير باللازم، وإنما الحقيقة تزيلون عنكم التفكُّه، وإذا زال التفكّه خَلَفَهُ ضِدُّه (٢).

وفي قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} الآية [الأعراف: ١٧٥، ١٧٦].

قال ابن القيم: «قال ابن عباس: لو شئنا لرفعناه بعلمه.

وقالت طائفة: الضمير في قوله: {لَرَفَعْنَاهُ} عائد على الكفر، والمعنى: لو شئنا لرفعنا عنه الكفر بما معه من آياتنا، قال مجاهد وعطاء: لرفعناه عن الكفر بالإيمان وعصمناه. وهذا المعنى حق، والأول هو مراد الآية، وهذا من لوازم المراد. وقد تقدم أن السلف كثيراً ما ينبهون على لازم معنى الآية، فيظن الظان أن ذلك هو المراد منها» (٣). [٧٩]

ومما يجدر التنبيه عليه هنا: أنه قد يَرِدُ عن السلف تفسير لبعض صفات الله بلازمها، فيظنُّ القارئ لها أن السلف يؤوِّلون صفات الله سبحانه، وهذا ليس بصواب، وذلك لأن الأصل عند السلف هو أن صفات الله على الحقيقة، ولا يجوز التأويل، فإذا رأيت مثل هذا فاعلم أنهم لا يؤوِّلون؛ لأنه


(١) انظر: «التبيان في أقسام القرآن» (ص٦٠).
(٢) «التبيان في أقسام القرآن» (ص١٦٩)، وقد سبق نقل هذا المثال من «تفسير ابن عطية».
(٣) «التفسير القيم» (ص٢٨٤)، وانظر فيها مثالاً آخر.

<<  <   >  >>