للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طرق التفسير هو: نزول القرآن بلغتها، واعتماده أساليبها في الخطاب.

ومما يدل على اعتبار اللغة طريقاً من طرق التفسير الحديث السابق ـ في التفسير النبوي ـ عن استشكال الصحابة للظلم، في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢]، ووجه دلالة هذا الأثر أن الصحابة قد فسروا الظلم بما يعرفونه من لغتهم، ولم ينكر عليهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم هذا، بل أرشدهم إلى المراد بالظلم في الآية.

ومما يدل عليه ـ كذلك ـ اعتماد الصحابة والتابعين على اللغة في تفاسيرهم، واستشهادهم بأشعار العرب وأساليبها لبيان المعاني اللغوية في القرآن.

وقد حكى صاحب كتاب «مقدمة المباني» إجماع الصحابة على جواز تفسير القرآن باللغة (١).

ومن ذلك تفسير (الساهرة) بالأرض، فقد ورد ذلك عن ابن عباس، وعكرمة، والحسن، وقتادة، ومجاهد، وسعيد، والضحاك، وابن زيد (٢).

بل شدد العلماء على من فسَّر القرآن وهو غير عالم بلغة العرب؛ كما روي عن مالك ومجاهد وغيرهما.

قال مالك: «لا أوتى برجل يفسِّر كلام الله وهو لا يعرف لغة العرب إلا جعلته نكالاً» (٣).

مسألة: «في ضوابط التفسير باللغة»:

كيف نفسر ما كان محتملاً لأكثر من معنى في لغة العرب؟

إن كان اللفظ يحتمل هذه المعاني كلها من دون تعارض ولا تناقض في


(١) مقدمتان في علوم القرآن (ص٢٠١)، قال: «ومن الدليل على ذلك أيضاً إجماع أصحاب رسول الله على تفسير القرآن على شرائط اللغة»، ثم ساق أمثلة لذلك.
(٢) انظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٣٦، ٣٧).
(٣) أخرجه الواحدي في «البسيط» (١/ ٢١٩)، رسالة دكتوراه حققها الشيخ محمد بن صالح الفوزان، وهو في المطبوع (ط١٤٣٠) للمحقق نفسه (١/ ٤١١).

<<  <   >  >>