للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشركين، ولا قتيل في الإسلام، ولا وقف في شيء من حروب النبي صلّى الله عليه وسلّم موقف أهل البأس والفناء، بل كان الفرار شيمته، والهرب ديدنه، وقد انهزم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في مقام بعد مقام، فانهزم يوم أُحد، ويوم حنين، وغير ذلك، فكيف يوصف بالجهاد في سبيل الله ـ على ما يوصف في الآية ـ من لا جهاد له جملة (١)، وهل العدول بالآية عن أمير المؤمنين مع العلم الحاصل بموافقة أوصافه إلى غيره إلا عصبية ظاهرة، ولم يذكر هذا طعنًا على أبي بكر رضي الله عنه، ولا قدحًا فيه؛ لأن اعتقادنا فيه أجمل شيء بل قلنا: أليس في الآية دلالة على ما قال (كذا)» (٢).

ولا أدري لماذا لم يناقش من قال بأنها نزلت في الأنصار، أو نزلت في أهل اليمن؟!

ولماذا اختار إبطال كونها نزلت في أبي بكر؟!

ثم يزعم ـ بعد هذا ـ أنه لا يطعن في أبي بكر، وأن اعتقاده فيه أجمل شيء؛ سبحان الله، والحمد لله الذي لم يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.

وإني لأعجب من هؤلاء القوم، ألا يمكن أن تثبت فضائل علي رضي الله عنه إلا بتنقُّص صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الآخرين؟!

ولولا ما يعتقده من أمر الولاية لعلي لما ذهب إلى مثل هذا الكلام الذي يظهر منه روح العصبية، ولَعَلِمَ أن الآية عامة في كل من ينطبق عليه هذا الوصف، ويا ليته بيَّن كيف يُطلق لفظ القوم الدال على المجموع على شخص واحد؟!

ومن الأمثلة التي وقع فيها الخطأ في الدليل دون المدلول، ما ذكره القرطبي عن بعض المتصوفة أنه فسر قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ


(١) سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
(٢) التبيان في تفسير القرآن، للطوسي (٣:٥٥٥ ـ ٥٥٧).

<<  <   >  >>