للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت له ـ وأنا إذ ذاك صغيرٌ جدًّا ـ: لو كان كما تقول؛ لكُتِبت في المصحف مفصولة (تأويل هو)، ولم تُكتب موصولة.

وهذا الكلام الذي قاله هذا معلوم الفساد بالاضطرار، وإنما كثير من غالطي المتصوفة لهم مثل هذه التأويلات الباطلة في الكتاب والسنة.

وقد يكون المعنى الذي يعنونه صحيحًا؛ لكن لا يدل عليه الكلام، وليس هو مراد المتكلم.

وقد لا يكون صحيحًا؛ فيقع الغلط تارة في الحكم، وتارة في الدليل؛ كقوله بعضهم: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}؛ أي: أن رأى ربه استغنى.

والمعنى: إنه ليطغى أن رأى نفسه استغنى.

وكقول بعضهم: فإن لم تكن تراه؛ يعني: فإن فَنِيتَ عنك رأيت ربك.

وليس هذا معنى الحديث، فإنه لو أريد هذا لقيل: فإن لم تكن؛ تَرَهْ، وقد قيل: تراه.

ثم كيف يصنع بجواب الشرط، وهو قوله: فإنه يراك.

ثم إنه على قولهم الباطل تكون كان تامة؛ فالتقدير: فإن لم تكن؛ أي: لم تقع ولم تحصل. وهذا تقدير مُحَالٌ، فإن العبد كائنٌ موجودٌ ليس بمعدوم.

ولو أريد فناؤه عن هواه، أو فناء شهوده للأغيار = لم يعبر بنفي كونه، فإن هذا مُحَالٌ.

ومتى كان المعنى صحيحًا، والدلالة ليست مرادة، فقد يسمى ذلك إشارة.

وقد أودع الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي (حقائق التفسير) من هذا قطعة» (١).


(١) مجموع الفتاوى (١٠:٥٦٠ ـ ٥٦١).

<<  <   >  >>