للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في باطنه يظهر فيه أثر من آثار الاعتزال، ومن الأمثلة التي أوردها الزمخشري (ت:٥٣٨) ما يأتي:

١ - ابتدأ الزمخشري (ت:٥٣٨) تفسيره بقوله: «الحمد لله الذي أنزل القرآن كلامًا مؤلَّفًا منظَّمًا»، وهذه العبارة سليمة في ظاهرها ليس فيها ما يُشكِل، لكنَّ معتقد المعتزلة في أن المتصف بهذه الأوصاف هو المُحدَث؛ لذا فهذه الأوصاف تدلُّ على أن القرآن مخلوق عند الزمخشري (ت:٥٣٨)، فبدلاً من التعبير بقوله: «الحمد لله الذي خلق القرآن» ذكر هذه الأوصاف للقرآن التي يوافقه عليها المخالفون له، لكن النتيجة عنده تخالف النتيجة عند مخالفيه، فهذه الأوصاف عنده لا يتصف بها إلا المخلوق، بخلافه أهل السنة الذين يرون أن القرآن كلام الله، وأن وصفه بهذه الأوصاف لا يخرجه عن كونه صفة لله سبحانه.

٢ - قال في تفسير الإيمان في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٣]: «فإن قلت: ما الإيمان؟

قلت: أن يعتقد الحق، ويُعرب عنه بلسانه، ويُصدِّقه بعمله. فمن أخلَّ بالاعتقاد ـ وإن شَهِدَ وعَمِلَ ـ فهو منافق، ومن أخلَّ بالشهادة فهو كافر، ومن أخلَّ بالعمل فهو فاسق» (١).

هذا التعريف للإيمان لا يختلف عن تعريف أهل السنة والجماعة، لكنه لما شرح تعريفه هذا جعل من أخل بالعمل فاسقًا، وليس في ذلك ما يُشكل، لكن المشكل في هذه العبارة هو معنى الفاسق عنده، ومآل الفاسق وحكمه (٢).


(١) الكشاف (١:١٢٩).
(٢) يلاحظ أن المستدركين على الزمخشري في هذا الموضع قد جعلوا مسمى الإيمان على التصديق فقط، ذلك لأنهم إما أشاعرة وإما ماتريدية، ينظر مثلاً: تعليق الجرجاني وابن المنير على تفسير الزمخشري.

<<  <   >  >>