للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ت:٤١٢)، فقال: «وكتاب حقائق التفسير لأبي عبد الرحمن السُّلمي يتضمن ثلاثة أنواع:

أحدها: نُقُولٌ ضعيفةٌ عمن نُقِلتْ عنه مثل أكثر ما نقله عن جعفر الصادق، فإن أكثره باطل عنه، وعامتها فيه من موقوف أبي عبد الرحمن، وقد تكلم أهل المعرفة في نفس رواية أبي عبد الرحمن حتى كان البيهقي إذا حدث عنه يقول: حدثنا من أصل سماعه (١).


(١) قال شيخ الإسلام في أبي عبد الرحمن السلمي ورواياته: «وهو في نفسه رجل من أهل الخير والدين والصلاح والفضل، وما يرويه من الآثار فيه من الصحيح شيء كثير، ويروي أحيانًا أخبارًا ضعيفة، بل موضوعة؛ يعلم العلماء أنها كذب.
وقد تكلم بعض حفاظ الحديث في سماعه، وكان البيهقي إذا روى عنه يقول: «حدثنا أبو عبد الرحمن من أصل سماعه»، وما يظن به وبأمثاله ـ إن شاء الله ـ تعمُّد الكذب، لكن لعدم الحفظ والإتقان يدخل عليهم الخطأ في الرواية، فإن النُّساك والعُبَّاد؛ منهم من هو متقن في الحديث مثل ثابت البناني والفضيل بن عياض وأمثالهما، ومنهم من قد يقع في بعض حديثه غلط وضعف؛ مثل مالك بن دينار وفرقد السبخي ونحوهما.
وكذلك ما يأثره أبو عبد الرحمن عن بعض المتكلمين في الطريق، أو ينتصر له من الأقوال والأفعال والأحوال؛ فيه من الهدى والعلم شيء كثير، وفيه أحيانًا من الخطأ أشياء، وبعض ذلك يكون عن اجتهاد سائغ، وبعضه باطل قطعًا؛ مثل ما ذكر في حقائق التفسير قطعة كبيرة عن جعفر الصادق وغيره من الآثار الموضوعة، وذكر عن بعض طائفة أنواعًا من الإشارات التي بعضها أمثال حسنة واستدلالات مناسبة، وبعضها من نوع الباطل واللغو.
فالذي جمعه الشيخ أبو عبد الرحمن ونحوه ـ في تاريخ أهل الصفة، وأخبار زهاد السلف، وطبقات الصوفية ـ يستفاد منه فوائد جليلة، ويجتنب منه ما فيه من الروايات الباطلة، ويتوقف فيما فيه من الروايات الضعيفة.
وهكذا كثير من أهل الروايات ومن أهل الآراء والأذواق من الفقهاء والزهاد والمتكلمين وغيرهم = يوجد فيما يأثرونه عمن قبلهم، وفيما يذكرونه معتقدين له = شيء كثير، وأمر عظيم من الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسوله، ويوجد أحيانًا عندهم من جنس الروايات الباطلة، أو الضعيفة، ومن جنس الآراء والأذواق الفاسدة، أو المحتملة شيء كثير» الفتاوى (١١:٤٢ ـ ٤٣).

<<  <   >  >>