للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢٨) فكل قول فيه ذِكْرُ نوعٍ دخل في الآية ذُكِرَ لتعريف المستمع بتناول الآية له، وتنبيهه به على نظيره؛ فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحدِّ المطابق (١). والعقل السليم يتفطن للنوع، كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف، فقيل له: هذا هو الخبز.

(٢٩) وقد يجيء كثيرًا من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا، لا سيما إن كان المذكور شخصًا؛ كأسباب النُّزول المذكورة في التفسير؛ كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة ثابت بن قيس بن شماس (٢)، وإن آية اللعان نزلت في عويمر العجلاني أو هلال بن


(١) هذا الكلام عن التعريف بالحدِّ والتعريف بالمثال مهمٌّ جدًّا، خصوصًا في تعريف بعض العلوم التي يصعب أن يوردَ لها تعريفٌ جامعٌ مانعٌ، ففي مثل هذه الحال يُكتفى في التعريف بالوصف الذي يبيِّن نوع العلم، وعدم دخول غيره فيه. كما أنه مهمٌّ في بيان المصطلحات الشرعية التي ورد الشرع ببيانها على سبيل الإجمال في الشريعة، فتطلُّب الحدِّ الجامع المانع لها يُدخل في مزالق؛ إما علمية، وإما عملية، كالحكم على الناس وتخطئتهم وتبديعهم بسبب تعريف استوحاه فلان من نصوص الشريعة، مع أنه قد يفوته كثيرٌ من النصوص المتعلقة بذلك الأمر، ووقع هذا في تعريف بعض الناس للإيمان. ونقاش هذا والإفاضة فيه محلُّه كتب العقائد، وإنما أردت التنبيه على أنَّ الحدَّ المنطقيَّ غير لازم في تعريف الشرعيات، ولا في العلوم الإسلامية، وإن كان تحرير التعريف في العلوم الإسلامية مطلبًا، لكنه إذا عَسُرَ تحريره وتحديده، وكان ظاهرًا ـ بالجملة ـ بأدنى عبارة تبيِّن تعريف العلم اُكتفِي بها.
هذا، وقد أشار الدكتور عدنان زرزور إلى كلام شيخ الإسلام عن «الحدِّ»، وذلك في مطلع كتابه «الرد على المنطقيين»، وفي كتابه الآخر: «نقض المنطق» (ص:١٨٣ ـ ٢٠٠).
(٢) في نسخة الفتاوى: «نزلت في امرأة أوس بن الصامت» (١٣:٣٣٨)، ولا أدري هل وجدها الشيخ ابن قاسم هكذا، أم عدَّلها. والصحيح من حيث النسبة ما في نسخة الفتاوى، فإن أوس بن الصامت هو زوج خولة بنت =

<<  <   >  >>