للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل) قال النووي: "شكي" بضم الشين وكسر الكاف، و"الرجل" مرفوع، ولم يسم هنا الشاكي، وجاء في رواية البخاري أن السائل هو عبد الله بن زيد الراوي، وينبغي ألا يتوهم بهذا أنه "شكى" مفتوحة الشين والكاف، ويجعل الشاكي هو المذكور، فإن هذا الوهم غلط. اهـ. وإنما كان هذا الوهم غلطا لأن "شكا" بفتح الشين والكاف بالألف، ليس لأن توهم كون السائل عمه خطأ، فرواية البخاري "عن عباد بن تميم عن عمه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه ... " إلخ قال الحافظ ابن حجر "شكا" بألف، ومقتضاه أن الراوي هو الشاكي، وصرح بذلك ابن خزيمة ولفظه "عن عمه عبد الله بن زيد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل ... " إلخ.

(شكى ... الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة) جملة "يخيل إليه" في محل النصب على الحال من "الرجل" أي شكى إليه حالة الرجل. و"يخيل" بضم أوله، وفتح الخاء، وتشديد الياء الثانية المفتوحة، وأصله من الخيال. قال الحافظ ابن حجر: والمعنى: يظن، والظن هنا أعم من تساوي الاحتمالين، أو ترجيح أحدهما، على ما هو أصل اللغة من أن الظن خلاف اليقين، اهـ والمراد من الشيء الحدث، والعدول عن ذكره للأدب وصيانة اللسان عن المستقذر بخاص اسمه حيث لا ضرورة، ومعنى وجدانه الحدث ظن خروجه منه، وقوله "في الصلاة" قيد لبيان الواقع وحال الحادثة، وليس للاحتراز، فالحكم خارج الصلاة هو الحكم فيها على ما ذهب إليه الجمهور وجعله المالكية للاحتراز، وسيأتي شرحه في فقه الحديث.

(لا ينصرف) بالجزم على النهي، ويجوز الرفع، على أن "لا" نافية، ورواية البخاري "لا ينفتل أو لا ينصرف" بالشك من الراوي.

(حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) معناه حتى يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين. والمراد من سماع الصوت أو وجدان الريح الخارجين من مخرجه.

(إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا) أي ريحا يتحرك ليخرج.

(فأشكل عليه) أي فالتبس عليه أمره.

(فلا يخرجن من المسجد) أي من الصلاة، وليس المراد المكان المعد للصلاة للتصريح بذلك في الرواية الأولى، ولأنه لا يترتب على الحدث الأصغر الخروج من المسجد.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: هذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على

<<  <  ج: ص:  >  >>