للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المرور من يمينه إلى شماله من بين يديه وجنبيه، ونتيجة لهذه الهيئة التي تشبه تجنيح الطائر وفرشه جناحيه ينكشف الإبط ويبدو بعد أن كان مستورًا بضم اليد إلى الجنب في العادة وأغلب الأحوال.

ولم يكتف صلى الله عليه وسلم برسم صورة السجود بالقول والعمل، بل تابع أصحابه في أدائهم وتنفيذهم، وأرشد مخطئهم إلى الصواب، فقد رأى مصليًا يضع ذراعيه ممدودتين على الأرض من المرفقين إلى الكفين، فقال له صلى الله عليه وسلم: إذا سجدت فضع كفيك على الأرض، وارفع مرفقيك عن الأرض ولا تبسط ذراعيك على الأرض كما يفعل الكلب. بهذا التشبيه زجر المخطئ ليهتم بالصواب ويحرص عليه.

وتابع أصحابه رضي الله عنهم مسيرته من بعده، يحرسون الشريعة، ويقومون اعوجاج من يحيد عنها بالفعل والقول، فقد رأى عبد اللَّه بن عباس ابْنَ عبد اللَّه بن الحارث يصلي وشعر رأسه مربوط مجموع من ورائه - كما يفعل بعض النساء اليوم [فرمة ذيل حصان]- فأخذ ابن عباس يحل رباط شعر ابن الحارث، وابن الحارث يصلي، فلما انتهى ابن الحارث من الصلاة قال لابن عباس: ما لك وشعري؟ قال ابن عباس: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن ربط الرجال شعرهم في الصلاة، وقال: إن من يصلي مكتوف الشعر مربوطه كمن يصلي وهو مكتوف.

وتقبل ابن الحارث نصيحة الدين بصدر رحب، وتقبل فعل ابن عباس بدين سمح، وهكذا حفظ اللَّه دينه وشريعته بقيام الغيورين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستجابة المخطئين واتباعهم الطريق المستقيم.

-[المباحث العربية]-

(أمر النبي صلى الله عليه وسلم) "أمر" بضم الهمزة وكسر الميم مبني للمجهول والمراد بالآمر اللَّه سبحانه وتعالى، عرف ذلك بالعرف، ولما كان هذا السياق يحتمل الخصوصية جاءت الرواية السادسة "إذا سجد العبد سجد معه سبعة أطراف" فأبعدت الخصوصية.

قال الكرماني: فإن قلت: بم عرف ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك؟ قلت: إما بإخباره له، أو إخباره لغيره أو باجتهاده، لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، اهـ والظاهر الأول.

(أن يسجد على سبعة) وفي الرواية الثانية والرابعة "على سبعة أعظم" وفي الرواية الثالثة والخامسة "على سبع" والمعدود إذا حذف جاز تذكير العدد وتأنيثه على تأويل المعدود بمؤنث أو بمذكر، والعظم يجمع على أعظم وعظام وعظامة والمراد سبعة أعضاء، تسمى كل عضو عظمًا، وإن كان فيه عظام كثيرة، وفي رواية للبخاري "سبعة أعضاء".

(ونهى أن يكف شعره وثيابه) وفي الرواية الثالثة "ونهى أن يكفت الشعر والثياب" وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>