للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن يتكلم عامدًا بكلام هو في مصلحة الصلاة "كأن يقوم الإمام إلى خامسة فيقول المأموم: صليت أربعًا. أو نحو ذلك. ومذهب الشافعية وجمهور العلماء أنها تبطل، وقال الأوزاعي لا تبطل، وهي رواية عن مالك وأحمد لحديث ذي اليدين، فقد حصل كلام بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين ذي اليدين وبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما صلى وأكمل النقص، ودليل الجمهور عموم الأحاديث الصحيحة في النهي عن الكلام، ولقوله صلى الله عليه وسلم "من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال وليصفق النساء" ولو كان الكلام لمصلحة الصلاة مباحًا لكان أسهل وأبين من التسبيح والتصفيق وأما حديث ذي اليدين فإن ما وقع فيه من كلام كان خارج الصلاة وبعد السلام.

الثالث: أن يتكلم ناسيًا ولا يطول كلامه فمذهب الشافعية والمالكية وأحمد في رواية أنها لا تبطل، وكذا الجاهل بالحكم، ومن أدلتهم حديث معاوية بن الحكم [روايتنا الأولى] فإنه تكلم جاهلاً بالحكم ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة. ومذهب أبي حنيفة وأحمد في رواية أنها تبطل ودليلهم عموم الأحاديث المذكورة في الباب، وعدم ورود الأمر لمعاوية بالإعادة لا يصلح دليلا لجواز أنه أمره ولم يبلغنا.

وإذا تركنا كلام الناس، وبحثنا الكلام بذكر أو دعاء وجدنا الإمام النووي يقول: الكلام المبطل للصلاة هو ما سوى القرآن والذكر والدعاء ونحوها، فأما القراءة والذكر ونحوها فلا تبطل الصلاة بلا خلاف عندنا، فلو أتى بشيء من نظم القرآن بقصد القرآن فقط أو بقصد القراءة مع غيرها كتنبيهه جماعة بالإذن بالدخول فقرأ {ادخلوها بسلام آمنين} [الحجر: ٤٦] أو استؤذن في أخذ شيء فقرأ {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} [مريم: ١٢] وما أشبه ذلك فهذا كله لا يبطل الصلاة سواء قصد القراءة أو القراءة مع الإعلام، أما إن قصد الإعلام وحده فتبطل. اهـ.

هذا مذهب الشافعية ورواية عن أحمد، وعند الحنفية ورواية عن أحمد تبطل صلاته لأنه خطاب آدمي، فأشبه ما لو كلمه.

وإذا أرتج على الإمام ففتح المأموم عليه لا يضر عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: تبطل الصلاة به.

وإن كلمه إنسان وهو في الصلاة فأراد أن يعلم أنه في صلاة، أو سها الإمام فأراد أن يعلمه السهو استحب له إن كان رجلاً أن يسبح، وتصفق المرأة بأن تضرب ظهر كفها الأيمن على بطن كفها الأيسر. هذا مذهب الشافعية وأحمد، وقال مالك تسبح المرأة أيضًا، ووافقنا أبو حنيفة إذا قصد المصلي بذلك شيئًا من مصلحة الصلاة، ومنعه إذا لم يكن في مصلحة الصلاة وقال ببطلانها حينئذ.

ولو قرأ قرآنًا أو ذكرًا من سبب غير الصلاة ومن غير تنبيه الآدمي، كأن يعطس فيحمد الله، أو يرى عجبًا فيقول: سبحان الله. أو يسمع أن قد ولد له غلام فيقول: الحمد لله، أو يقال له: سرق بيتك فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، أو يقال له: مات أخوك، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فهذا كله لا يبطل الصلاة عند الشافعي ومالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: تفسد صلاته لأنه كلام آدمي.

وإذا سلم على المصلي لم يكن له رد السلام كما يؤخذ من الرواية الثانية والرابعة والسادسة من

<<  <  ج: ص:  >  >>