للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جاهلاً لم تبطل، ويسجد للسهو، ولو ترك بعضًا من الأبعاض (وهي التشهد الأول والجلوس له والقنوت والقيام له، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله في التشهد الأول، وكذا الآل في التشهد الأخير) جبر بسجود السهو إذا تركه سهوًا، وإن تركه عمدًا فوجهان: أحدهما لا يسجد لأن السجود مشروع للسهو، وبه قال أبو حنيفة، وقيل يسجد. أما غير الأبعاض من السنن كالتعوذ ودعاء الاستفتاح، ورفع اليدين والتكبيرات والتسبيحات والجهر والإسرار والتورك والافتراش والسورة بعد الفاتحة ووضع اليدين على الركبتين وسائر السنن القولية غير الأبعاض فلا يسجد لها، سواء تركها عمدًا أم سهوًا، لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود لشيء منها والسجود زيادة في الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف، ويخالف الأبعاض، فإنه قد ورد التوقيف في التشهد الأول وجلوسه، وقسنا عليه باقيها، وحكى جماعة من أصحابنا قولاً قديمًا أنه يسجد لترك كل مسنون ذكرًا كان أو فعلاً، وهو ضعيف.

أما إذا فعل منهيًا عنه مما لا تبطل الصلاة بعمده كالالتفات والخطوة ووضع اليد على الفم وكف الثوب والشعر ومسح الحصى والتثاؤب وأشباه ذلك فلا يسجد للسهو لعمده ولا لسهوه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة ووضعها وخلع نعليه في الصلاة ولم يسجد لشيء من ذلك.

فإن فعل ساهيًا منهيًا عنه تبطل الصلاة بعمده كالكلام والركوع والسجود الزائدين فهذا يسجد لسهوه إذا لم تبطل به الصلاة، وقال أبو حنيفة: يسجد للجهر والإسرار، وقال مالك: يسجد لترك جميع الهيئات. والله أعلم.

٣ - وفي موضع سجود السهو من الصلاة نقول:

إن الرواية الأولى والثانية من روايات الباب فيمن لم يدر كم صلى، وفيهما "فليسجد سجدتين وهو جالس" ولم يذكر فيهما السلام.

والروايات الرابعة والخامسة والسادسة فيمن قام من ثنتين في صلاة رباعية (ومثلها الثلاثية) ولم يجلس للتشهد الوسط، وفيها كلها أنه سجد للسهو قبل أن يسلم.

والرواية السابعة فيمن شك فبنى على اليقين، وأتم صلاته، وفيها "يسجد سجدتين قبل أن يسلم" والرواية الثامنة حتى الرابعة عشرة فيمن صلى الرباعية خمسًا (أي فيمن زاد ركعة) بعضها سكت عن السلام بعد السجدتين كالتاسعة والحادية عشرة والثانية عشرة والرابعة عشرة، وبعضها صرح بالسلام بعد السجدتين كالثامنة والعاشرة، وبما أن الراوي واحد، والواقعة واحدة فيحمل ما لم يصرح فيه بالسلام على ما صرح فيه به.

أما الرواية الثالثة عشرة، وهي عن الراوي نفسه وعن الواقعة نفسها، وفيها "سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام" فهي كالتي أغفل فيها ذكر السلام لأنها تحكي عن السلام الذي حدث عقب صلاة الخمس، لا عن السلام بعد سجود السهو، بدليل ذكر الكلام في قوله "بعد السلام والكلام" فالسلام المذكور فيها لا يدخل في موضوع النزاع.

أما الرواية الخامسة عشرة والسادسة عشرة فهما فيمن سلم من ثنتين في رباعية [ومثلها الثلاثية] وفيهما أنه أكمل الصلاة ثم سلم، ثم سجد للسهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>